كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأخطل

صفحة 430 - الجزء 8

  حديث أبي عمرو عن منزلة الأخطل

  : أخبرني عمّي عن الكرانيّ عن دماذ عن أبي عبيدة قال:

  قال رجل لأبي عمرو: يا عجبا للأخطل! نصرانيّ كافر يهجو المسلمين!. فقال أبو عمرو: / يا لكع! لقد كان الأخطل يجيء وعليه جبّة خزّ وحرز خزّ، في عنقه سلسلة ذهب فيها صليب ذهب تنفض لحيته خمرا حتى يدخل على عبد الملك بن مروان بغير إذن.

  رأي أبي العسكر فيه وفي جرير والفرزدق

  : وقال هارون حدّثني أحمد بن إسماعيل الفهريّ عن أحمد بن عبد اللَّه بن عليّ الدّوسيّ عن معقل بن فلان عن أبيه عن أبي العسكر قال:

  كنّا بباب مسلمة بن عبد الملك، فتذاكرنا الشعراء الثلاثة؛ فقال أصحابي: حكَّمناك وتراضينا بك. فقلت:

  نعم، هم عندي كأفراس ثلاثة أرسلتهن في رهان، فأحدها سابق الدهر كلَّه، وأحدها مصلّ، وأحدها يجيء أحيانا سابق الريح وأحيانا سكَّيتا وأحيانا متخلَّفا. فأمّا السابق في كل حالاته فالأخطل. وأمّا المصلَّى في كل حالاته فالفرزدق. وأمّا الذي يسبق الريح أحيانا ويتخلَّف أحيانا فجرير؛ ثم أنشد له:

  سرى لهم ليل كأنّ نجومه ... قناديل فيهنّ الذّبال المفتّل

  وقال: أحسن في هذا وسبق. ثم أنشد:

  التّغلبيّة مهرها فلسان ... والتغلبيّ جنازة الشّيطان

  وقال: تخلَّف في هذه. فخرجنا من عنده على هذا.

  حديثه هو والفرزدق مع فتى من أهل اليمامة

  : وقال هارون بن الزيّات حدّثني محمد بن عمرو الجرجانيّ عن أبيه:

  أنّ الفرزدق والأخطل؛ بينا هما يشربان وقد اجتمعا بالكوفة في إمارة بشر بن مروان إذ دخل عليهما فتى من أهل اليمامة؛ فقالا له: هل تروي لجرير شيئا؟ فأنشدهما:

  لو قد بعثت على الفرزدق ميسمي ... وعلى البعيث لقد نكحت الأخطلا

  فأقبل الفرزدق فقال: يا أبا مالك، أتراه إن وسمني يتورّكك على كبر سنّك! ففزع الفتى فقام وقال: أنا عائذ باللَّه من شرّكما. فقالا: اجلس لا بأس عليك! ونادماه بقية يومهما.

  الفرزدق في ضيافته

  : أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال أخبرنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو يعلى قال حدّثني عبد السلام بن حرب قال:

  نزل الفرزدق على الأخطل ليلا وهو لا يعرفه، فجاءه بعشاء ثم قال له: إنّي نصرانيّ وأنت حنيف، فأيّ الشراب أحبّ إليك؟ قال: شرابك. ثم جعل الأخطل لا ينشد بيتا إلا أتمّ الفرزدق القصيدة. فقال الأخطل: لقد نزل