كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأخطل

صفحة 441 - الجزء 8

  / وذكر هارون بن الزيّات هذا الخبر عن حمّاد عن أبيه أنه كان نازلا على عكرمة الفيّاض وأنه خرج من عنده يوما، فمرّ بفتيان يشربون ومعهم قينة يقال لها شقراء. وذكر الخبر مثل ما قبله، وزاد فيه: فأقام عندهم أربعة أيّام. وظنّ عكرمة أنه غضب فانصرف عنه. فلما أتاه أخبره بخبره، فبعث إلى الفتيان بألف درهم وأعطاه خمسة آلاف، فمضى بها إليهم وقال: استعينوا بهذه على أمركم. ولم يزل ينادمهم حتى رحل.

  حكم بين جرير والفرزدق بأمر بشر بن مروان

  : أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلَّام قال حدّثني أبو يحيى الضّبّيّ قال:

  اجتمع الفرزدق وجرير والأخطل عند بشر بن مروان، وكان بشر يغري بين الشعراء. فقال للأخطل: احكم بين الفرزدق وجرير. فقال: أعفني أيها الأمير. قال: احكم بينهما، فاستعفاه بجهده فأبى إلا أن يقول؛ فقال: هذا حكم مشئوم؛ ثم قال: الفرزدق ينحت من صخر، وجرير يغرف من بحر. فلم يرض بذلك جرير، وكان سبب الهجاء بينهما. فقال جرير في حكومته:

  يا ذا الغباوة⁣(⁣١) إنّ بشرا قد قضى ... ألَّا تجوز حكومة النّشوان

  فدعوا الحكومة لستم من أهلها ... إنّ الحكومة في بني شيبان

  قتلوا كليبكم⁣(⁣٢) بلقحة جارهم ... يا خزر تغلب لستم بهجان

  فقال الأخطل يردّ على جرير:

  ولقد تناسبتم⁣(⁣٣) إلى أحسابكم ... وجعلتم حكما من السّلطان

  / فإذا كليب لا تساوي دارما ... حتى يساوي حزرم⁣(⁣٤) بأبان

  / وإذا جعلت أباك في ميزانهم ... رجحوا وشال أبوك في الميزان

  وإذا وردت الماء كان لدارم ... عفواته⁣(⁣٥) وسهولة الأعطان

  ثم استطارا في الهجاء.

  مناقضة بينه وبين جرير

  أخبرني أبو خليفة قال حدّثنا محمد بن سلَّام قال حدّثنا أبو الغراف قال:

  لما قال جرير:

  إذا أخذت قيس عليك وخندف ... بأقطارها لم تدر من أين تسرح


(١) في ج: «يا ذا العباءة».

(٢) يشير إلى حادثة كليب وجساس بن مرة الشهيرة. واللقحة: الناقة الحلوب.

(٣) في «ديوانه» ص (٢٧٤): «ولقد تجاربتم على أحسابكم».

(٤) حزوم: جبيل فوق الهضبة في ديار بني أسد. (عن «شرح القاموس» مادة حزرم). وأبان: جبل شرقي الحاجز فيه نخل وماء، ويعرف بالأبيض، وهو أيضا جبل لبني فزارة وهو المعروف بالأسود، وبينهما ميلان وقيل فيهما غير ذلك. (انظر «معجم البلدان» لياقوت و «شرح القاموس» مادة أبن).

(٥) عفوة كل شيء: صفوته وكثرته. والعطن: مناخ الإبل حول الورد.