كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

بعض أخبار إبراهيم بن المهدي

صفحة 308 - الجزء 10

  أنّى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام

  فقلت بلى واللَّه إني لأتعجّب منه وأكثر اللَّعن له، فهل قلت في ذلك شيئا؟ فقال: نعم قلت:

  /

  لم لا يكون وإنّ ذاك لكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام

  للبنت نصف كامل من ماله ... والعمّ متروك بغير سهام

  ما للطَّليق وللتّراث وإنّما ... صلَّى الطليق مخافة الصّمصام

  لازمه صالح بن عطية الأضجم أياما ثم قتله:

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني عليّ بن محمد بن سليمان النّوفليّ قال حدّثني صالح بن عطية الأضجم قال:

  لما قال مروان:

  أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام

  لزمته وعاهدت اللَّه أن أغتاله فأقتله أيّ وقت أمكنني ذلك، وما زلت ألاطفه وأبرّه وأكتب أشعاره، حتى خصصت به، فأنس بي جدا، وعرفت ذلك بنو حفصة جميعا فأنسوا بي، ولم أزل أطلب له غرّة حتى مرض من حمّى أصابته، فلم أزل أظهر له الجزع عليه وألازمه وألاطفه، حتى خلا لي البيت يوما فوثبت عليه فأخذت بحلقه فما فارقته حتى مات، فخرجت وتركته، فخرج إليه أهله بعد ساعة فوجدوه ميتا، وارتفعت الصّيحة فحضرت وتباكيت وأظهرت الجزع عليه حتى دفن، وما فطن بما فعلت أحد ولا اتهمني به.

  نشأته ونسب أمه شكلة:

  ثم نعود إلى ذكر إبراهيم بن المهديّ وأمّه شكلة⁣(⁣١). ويكنى أبا إسحاق. وشكلة أمّه مولَّدة، كان / أبوها من أصحاب المازيار، يقال له شاه أفرند، فقتل مع المازيار وسبيت بنته شكلة، فحملت إلى المنصور، فوهبها لمحيّاة أمّ ولده فربّتها وبعثت بها إلى الطائف فنشأت هناك وتفصّحت؛ فلما كبرت ردّت إليها. فرآها المهديّ / عندها فأعجبته، فطلبها من محيّاة فأعطته أيّاها، فولدت منه إبراهيم. وكان رجلا عاقلا فهما ديّنا⁣(⁣٢) أديبا شاعرا راوية للشعر وأيّام العرب خطيبا فصيحا حسن العارضة.

  مدحه إسحاق الموصلي:

  وكان إسحاق الموصليّ يقول: ما ولد العبّاس بن عبد المطَّلب بعد عبد اللَّه بن العباس: رجلا أفضل من إبراهيم بن المهديّ. فقيل له: مع ما تبذّل له من الغناء؟ فقال: وهل تمّ فضله إلا بذاك!. حدّثني بذلك محمد بن يزيد عن حمّاد عن أبيه.

  كان ينسب ما يصنع لشاريه وريق جاريتيه:

  وكان أشدّ خلق اللَّه إعظاما للغناء، وأحرصهم عليه، وأشدّهم منافسة فيه. وكانت صنعته ليّنة، فكان إذا صنع شيئا


(١) ضبط في «القاموس» بالقلم بفتح أوّله. وفي الطبري بفتح أوّله وكسره.

(٢) هذه الكلمة ليس في ج.