أخبار حماد عجرد ونسبه
  لقيت حمّاد عجرد بواسط وهو يمشي وأنا راكب، فقلت له: انطلق بنا إلى المنزل، فإني الساعة فارغ لنتحدّث، وحبست عليه الدّابة، فقطعني شغل عرض لي لم أقدر على تركه، فمضيت وأنسيته، فلما بلغت المنزل خفت شرّه، فكتبت إليه:
  أبا عمر اغفر هديت فإنّني ... قد أذنبت ذنبا مخطئا غير عامد
  فلا تجدن فيه عليّ فإنني ... أقرّ بإجرامي ولست بعائد(١)
  وهبه لنا تفديك نفسي فإنّني ... أرى نعمة إن كنت لست بواجد
  وعد منك بالفضل الَّذي أنت أهله ... فإنّك ذو فضل طريف وتالد
  فكتب إليّ مع رسولي:
  /
  محمد يا بن الفضل يا ذا المحامد ... ويا بهجة النادي وزين المشاهد(٢)
  حقّك ما أذنبت منذ عرفتني ... على خطأ يوما ولا عمد عامد
  ولو كان، ما ألفيتني متسرّعا ... إليك به يوما تسرّع واجد
  أي لو كان لك ذنب ما صادفتني مسرعا إليك بالمكافأة(٣):
  ولو كان ذو فضل يسمّى لفضله ... بغير اسمه سميت أمّ القلائد
  / قال: فبينا رقعته في يدي وأنا أقرؤها إذ جاءني رسوله برقعة فيها:
  قد غفرنا الذنب يا بن ال ... فضل والذنب عظيم
  ومسيء أنت يا بن ال ... فضل في ذاك مليم(٤)
  حين تخشاني على الذن ... ب كما يخشى اللَّئيم
  ليس لي إن كان ما خف ... ت من الأمر حريم
  أنا واللَّه - ولا أف ... خر - للغيظ كظوم
  ولأصحابي ولاء ... ربّه برّ رحيم(٥)
  وبما يرضيهم عنّ ... ي ويرضيني عليم
  مديحه لجلَّة من أبناء ملوك فارس
  أخبرني يحيى بن عليّ، عن أبيه عن إسحاق قال: خرج حمّاد عجرد مع بعض الأمراء إلى فارس، وبها جلَّة من أبناء الملوك، فعاشر قوما من رؤسائها، فأحمد معاشرتهم، وسرّ بمعرفتهم، فقال فيهم:
(١) وجد عليه يجد بكسر الجيم وضمها موجدة ووجدا: غضب.
(٢) في ب، س، ج «يا أبا الفضل» وهو خطأ. والصواب عن ط، مط، مب، ها. وفي ها «المساجد».
(٣) المكافأة: المجازاة.
(٤) ألام: أتى ما يلام عليه.
(٥) رواية ها:
«ولأصحابي - ولا منّ ... به - رب رحيم «