كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن بانة

صفحة 179 - الجزء 15

  تبيّنت⁣(⁣١) فيهم الثقافة والحذق، وعلمت أنّه يتقدم، أحدهم⁣(⁣٢) أنت، وتمرة، وما تبيّنت⁣(⁣١) قطَّ من أحد خلاف ذلك فعلمته.

  بين إسحاق وعمرو بن بانة

  وقال محمد بن الحسن الكاتب: حدّثني أبو حارثة الباهليّ⁣(⁣٣) عن أخيه أبي معاوية قال:

  سمعت عمرو بن بانة يقول لإسحاق في كلام جرى بينهما: ليس مثلي يقاس بمثلك، لأنّك تعلَّمت الغناء تكسّبا، وتعلَّمته تطرّبا، وكنت أضرب لئلا أتعلَّمه، وكنت تضرب حتّى تتعلَّمه.

  اتهامه بخادم يقال له مفحم

  وأخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدّثني محمد بن الحسن [بن]⁣(⁣٤) الحرون قال:

  اجتمع عمرو بن بانة والحسين بن الضّحاك في منزل ابن شعوف، وكان له خادم يقال له مفحم⁣(⁣٥)، وكان عمرو يتّهم به، / فلما أخذ⁣(⁣٦) فيه الشراب سأل عمرو الحسين بن الضحاك أن يقول في مفحم شعرا ليغني فيه، فقال الحسين:

  وا بأبي مفحم لغرّته ... قلت له إذ خلوت مكتتما⁣(⁣٧)

  تحب باللَّه من يخصّك بالح ... بّ فما قال لا ولا نعما⁣(⁣٨)

  الشعر للحسين بن الضحاك، والغناء لعمرو بن بانة، ثاني ثقيل بالبنصر.

  / قال: فغنى فيه عمرو. ولم يزل هذا الشعر غناءهم، وفيه طربهم، إلى أن تفرّقوا. وأتاهم في عشيّتهم إسحاق بن إبراهيم الموصلي فسألوا ابن شعوف⁣(⁣٩) أن لا يأذن له، فحجبه، وانصرف إسحاق بن إبراهيم الموصلي إلى منزله، فلما تفرّقوا مرّ به الحسين بن الضحاك وهو سكران، فأخبره بجميع ما دار بينهما في مجلسهم، فكتب إسحاق إلى ابن شعوف:

  يا ابن شعوف أما سمعت بما ... قد صار في الناس كلَّهم علما

  أتاك عمرو فبات ليلته ... في كلّ ما يشتهى كما زعما

  حتّى إذا ما الظلام خالطه ... سرى دبيبا فجامع الخدما


(١) ما عدا ط، ها، مب: «ثبتت»، محرف.

(٢) هذه الكلمة من ط، ها، مب، وموضعها بياض في ح. ويتقدم، هي فيما عدا ط: «متقدم».

(٣) ما عدا ط، ها، مب: «أبو جارية الباهلي».

(٤) هذه من ط، ها، مب.

(٥) ما عدا ط، ها، مب: «مقحم» بالقاف، في كل موضع ورد فيه من هذه الأخبار.

(٦) ما عدا ط، ها، مب: «فيهم».

(٧) الغرة والغرارة: الغفلة وضعف التجربة. ما عدا ط، ج، ها: «لعزته».

(٨) ما عدا ط، ها، مب: «من يخصك بالود».

(٩) ما عدا ط، ها، مب: «ابن شفوف» في هذا الموضع وسائر المواضع التالية. وقد سبق اتفاق النسخ على «شعوف» في أول موضع ورد فيه.