كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المغيرة بن شعبة ونسبه

صفحة 331 - الجزء 16

  / قال: وحدّثني محمد بن الجهم، عن علي بن أبي هاشم، عن إسماعيل بن أبي عبلة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك:

  أن المغيرة بن شعبة كان يخرج من دار الإمارة وسط النهار، وكان أبو بكرة يلقاه فيقول له: أين يذهب الأمير؟

  فيقول: آتي حاجة. فيقول له: حاجة ماذا؟ إن الأمير يزار ولا يزور.

  قال: وكانت المرأة التي يأتيها جارة لأبي بكرة. قال: فبينا أبو بكرة في غرفة له مع أصحابه وأخويه نافع وزياد، ورجل آخر، يقال له شبل بن معبد، وكانت غرفة جارته تلك بحذاء غرفة أبي بكرة. فضربت الريح باب المرأة ففتحته. فنظر القوم فإذا هم بالمغيرة ينكحها. فقال أبو بكرة: هذه بلية ابتليتم بها، فانظروا. فنظروا حتى أثبتوا. فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة، فقال له: إنه قد كان من أمرك ما قد علمت، فاعتزلنا. قال: وذهب ليصلي بالناس الظهر، فمنعه أبو بكرة، وقال له: لا واللَّه لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت.

  فقال الناس: دعوه فليصلّ، فإنه الأمير، واكتبوا بذلكم إلى عمر. فكتبوا إليه، فورد كتابه بأن يقدموا عليه جميعا، المغيرة والشهود.

  وقال المدائني في حديثه عن حباب بن موسى: وبعث عمر بأبي موسى الأشعريّ على البصرة. وعزم عليه ألا يضع كتابه من يده حتى يرحل المغيرة بن شعبة. قال: قال عليّ بن أبي هاشم⁣(⁣١) في حديثه: إن أبا موسى قال لعمر لما أمره أن يرحله من وقته: أو خير من ذلك يا أمير المؤمنين: نتركه يتجهز ثلاثا، ثم يخرج. قال: فصلينا صلاة الغداة بظهر المربد، ودخلنا المسجد، فإذا هم يصلون: الرجال والنساء مختلطين. فدخل رجل على المغيرة، فقال له: إني رأيت أبا موسى في جانب المسجد، عليه / برنس. فقال له المغيرة: ما جاء زائرا ولا تاجرا. فدخلنا⁣(⁣٢) عليه ومعه صحيفة ملء يده⁣(⁣٣)، فلما رآنا⁣(⁣٤) قال: الأمير؟ فأعطاه أبو موسى الكتاب. فلما قرأه ذهب يتحرك عن سريره. فقال له أبو موسى: مكانك، تجهز ثلاثا.

  وقال الآخرون: إن أبا موسى أمره أن يرحل من وقته. فقال له المغيرة: لقد علمت ما وجهت فيه، فألا تقدمت فصليت. فقال له أبو موسى: ما أنا وأنت في هذا الأمر إلا سواء. فقال له / المغيرة: فإني أحب أن أقيم ثلاثا لأتجهز. فقال: قد عزم عليّ أمير المؤمنين ألا أضع عهدي من يدي إذا قرأته عليك، حتى أرحّلك إليه. قال: إن شئت شفّعتني وأبررت قسم أمير المؤمنين. قال: وكيف؟ قال: تؤجلني إلى الظهر، وتمسك الكتاب في يدك.

  قالوا: فقد رئى أبو موسى يمشي مقبلا ومدبرا، وإن الكتاب لفي يده معلقا بخيط. فتجهز المغيرة، وبعث إلى أبي موسى بعقيلة، جارية عربية من سبي اليمامة، من بني حنيفة؛ ويقال إنها مولدة الطائف، ومعها خادم لها. وسار المغيرة حين صلَّى الظهر، حتى قدم على عمر. وقال في حديث محمد بن عبد اللَّه الأنصاريّ: فلما قدم على عمر.

  قال له: إنه قد شهد عليك بأمر إن كان حقا لأن تكون مت قبل ذلك كان خيرا لك.

  قال أبو زيد: وحدّثني الحكم بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، عن عبد اللَّه بن عبد الرّحمن الأنصاريّ، عن مصعب بن سعد:


(١) كذا في ف. وفي مب، ج، أ، م، س: علي بن هشام.

(٢) أ، م، س، ج: فدخلت.

(٣) ملء يده: كذا في ب. وفي سائر النسخ: مثل هذه.

(٤) أ، م: رآها.