كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ذات الخال

صفحة 498 - الجزء 16

  قصها خالها وشعر العباس بن الأحنف فيها

  حدثني محمد بن يحيى الصّوليّ قال: حدثني محمد بن عبد اللَّه العاصميّ قال: حدثني أحمد بن عبد اللَّه طمّاس، عن عبد اللَّه وإبراهيم ابني العباس الصّولي قالا:

  كانت للرشيد جارية تعرف بذات الخال، فدعته يوما، فوعدها أن يصير إليها، وخرج يريدها، فاعترضته جارية، فسألته أن يدخل إليها، فدخل وأقام عندها، فشقّ ذلك على ذات الخال، وقالت: واللَّه لأطلبنّ له شيئا أغيظه به، وكانت أحسن الناس وجها، ولها خال على خدها لم ير الناس أحسن منه في موضعه، فدعت بمقراض، فقصت الخال الذي كان في خدها، وبلغ ذلك الرشيد، فشق عليه، وبلغ منه، فخرج من موضعه، وقال للفضل بن الربيع:

  انظر من بالباب من الشعراء، فقال: الساعة رأيت العباس بن الأحنف. فقال: أدخله. فأدخله، فعرّفه الرشيد القصّة⁣(⁣١) وقال: اعمل في هذا شيئا، على معنى رسمه له، فقال:

  صوت

  تخلَّصت ممن لم يكن ذا حفيظة ... وملت إلى من لا يغيّره حال

  فإن كان قطع الخال لما تطلعت ... إلى⁣(⁣٢) غيرها نفسي فقد ظلم الخال

  / غناه إبراهيم. فنهض الرشيد إلى ذات الخال مسرعا مسترضيا لها، وجعل هذين البيتين سببا، وأمر للعباس بألفي دينار، وأمر إبراهيم الموصليّ فغناه في هذا الشعر.

  محمد بن موسى المنجم يعجبه التقسيم في الشعر

  أخبرني محمد / بن يحيى الصوليّ قال: حدثني محمد بن الفضل قال:

  كان محمد بن موسى المنجّم يعجبه التقسيم في الشعر، ويشغف بجيد الأشعار، فكان مما يعجبه قول نصيب:

  صوت

  أبا بعل ليلى كيف تجمع سلمها ... وحربي وفيما بيننا شبّت الحرب

  لها مثل ذنبي اليوم إن كنت مذنبا ... ولا ذنب لي إن كان ليس لها ذنب

  عروضه من الطويل. والشعر لنصيب، ويروى للمجنون، ويروى لكعب بن مالك الخثعميّ. والغناء لمالك، ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو.

  قال: وكان محمد بن موسى ينشد كثيرا للعباس بن الأحنف:

  صوت

  ألا ليت ذات الخال تلقى من الهوى ... عشير الذي ألقى فيلتئم الشّعب

  إذا رضيت لم يهنني ذلك الرضا ... لعلمي به أن سوف يتبعه العتب


(١) كذا في ف. وفي الأصول: الخبر.

(٢) كذا في ف. وفي الأصول: تعطفت علي.