كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الكميت ونسبه وخبره

صفحة 10 - الجزء 17

  هشام بأربعين ألف درهم. وكتب إلى خالد بأمانه وأمان أهل بيته، وأنه لا سلطان له عليهم.

  قال: وجمعت له بنو أميّة بينها مالا كثيرا. قال: ولم يجمع من قصيدته تلك يومئذ إلَّا ما حفظه الناس منها فألف. وسئل عنها، فقال: ما أحفظ منها شيئا؛ إنما هو كلام ارتجلته.

  فقال: وودّع هشاما، وأنشده قوله فيه:

  ذكر القلب إلفه المذكورا

  سبقه الشعراء إلى معنى في صفة الفرس

  قال محمد بن كناسة: وكان الكميت يقول: سبقت الناس في هذه القصيدة من أهل الجاهلية والإسلام إلى معنى ما سبقت إليه في صفة الفرس حين أقول:

  يبحث التّرب عن كواسر في المش ... رب لا يجشم السّقاة الصّفيرا

  هذه رواية ابن عمار. وقد روى فيه غير هذا.

  رواية أخرى في سبب المنافرة بينه وبين خالد

  وقيل في سبب المنافرة بين خالد والكميت غير هذا، نسخته من كتاب محمد بن يحيى الخرّاز، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم الحاسب، قال: حدثني عبد الرحمن بن داود بن أبي أميّة البلخيّ، قال:

  / كان حكيم بن عيّاش⁣(⁣١) الأعور الكلبيّ ولعا بهجاء مضر، فكانت شعراء مضر تهجوه ويجيبهم، وكان الكميت يقول: هو واللَّه أشعر منكم. قالوا: فأجب الرجل. قال: إنّ خالد بن عبد اللَّه القسريّ محسن إليّ فلا أقدر أن أردّ عليه، قالوا: فاسمع بأذنك ما يقول في بنات عمّك وبنات خالك من الهجاء، وأنشدوه ذلك؛ فحمي الكميت لعشيرته، فقال المذهبة⁣(⁣٢).

  ألا حيّيت عنّا يا مدينا

  فأحسن فيها، وبلغ خالدا خبرها. فقال: لا أبالي ما لم يجر لعشيرتي ذكر، فأنشدوه قوله:

  ومن عجب عليّ لعمر أمّ ... غذتك وغير هاتيا يمينا⁣(⁣٣)

  تجاوزت المياه بلا دليل ... ولا علم تعسّف مخطئينا

  فإنك والتحوّل من معدّ ... كهيلة قبلنا والحالبينا⁣(⁣٤)

  تخطَّت خيرهم حلبا ونسئا⁣(⁣٥) ... إلى المولى المغادر هاربينا⁣(⁣٦)

  / كعنز السّوء تنطح عالفيها ... وترميها عصيّ الذابحينا⁣(⁣٧)


(١) في أ: «حكيم بن عباس».

(٢) المذهبة: لقب هذه القصيدة، وانظر حاشية ٣ ص ٣.

(٣) في ما: «تيّامنينا»، وفي أ: «تتأيمينا».

(٤) في أ، ب: «والجالبينا».

(٥) النسء: اللبن الرقيق الكثير الماء، وفي ب: «ومسنّا».

(٦) في ما: «إلى الوالي»، والمثبت في أ، ب.

(٧) في أ: «وترضيا» تحريف.