كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الكميت ونسبه وخبره

صفحة 28 - الجزء 17

  سبب هجائه أهل اليمن

  أخبرني عمي وابن عمار، قالا: حدثنا يعقوب بن إسرائيل، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه الطلحيّ، عن محمد بن سلمة بن أرتبيل:

  أنّ سبب هجاء الكميت أهل اليمن، أنّ شاعرا من أهل الشام يقال له حكيم بن عيّاش الكلبيّ كان يهجو عليّ بن أبي طالب # وبني هاشم جميعا، وكان منقطعا إلى بني أمية، فانتدب له الكميت فهجاه وسبّه، فأجابه ولجّ الهجاء بينهما، وكان الكميت يخاف أن يفتضح في شعره عن عليّ # لما وقع بينه وبين هشام، وكان يظهر أنّ هجاءه إياه في العصبية التي بين عدنان وقحطان، فكان ولد إسماعيل بن الصبّاح بن الأشعث ابن قيس وولد علقمة بن وائل الحضرميّ يروون⁣(⁣١) شعر الكلبيّ، فهجا أهل اليمن جميعا إلَّا هذين، فإنه قال في آل علقمة:

  ولولا آل علقمة اجتدعنا ... بقايا من أنوف مصلَّمينا⁣(⁣٢)

  / وقال في إسماعيل:

  فإنّ لإسماعيل حقّا، وإننا ... له شاعبو الصّدع المقارب للشّعب

  وكانت لآل علقمة عنده يد؛ لأنّ علقمة آواه ليلة خرج إلى الشّام، وأمّ إسماعيل من بني أسد، فكفّ عنهما لذلك.

  قال الطلحيّ: قال أبو سلمة: حدثني محمد بن سهل، قال: قال الكلبيّ:

  ما سرّني أنّ أمّي من بني أسد ... وأنّ ربّي نجّاني من النار

  وأنهم زوّجوني من بناتهم ... وأنّ لي كل يوم ألف دينار

  فأجابه الكميت:

  يا كلب مالك أمّ من بني أسد ... معروفة فاحترق يا كلب بالنار

  لكنّ أمّك من قوم شنئت بهم ... قد قنّعوك قناع الخزي والعار

  قال: فقال له الكلبي:

  /

  لن يبرح اللَّؤم هذا الحيّ من أسد ... حتى يفرّق بين السّبت والأحد⁣(⁣٣)

  قال محمد بن أنس: حدثني المستهلّ بن الكميت، قال: قلت لأبي: يا أبت، إنك هجوت الكلبيّ، فقلت:

  ألا يا سلم يا تربي⁣(⁣٤) ... أفي أسماء من ترب؟

  وغمزت عليه فيها، ففخرت ببني أمية، وأنت تشهد عليها بالكفر، فألا فخرت بعليّ وبني هاشم الذين


(١) في أ: «يردّون».

(٢) الشعر والشعراء ٥٠٩، ٥١٠.

(٣) في أ: «حتى أفرق».

(٤) انظر «م».