ذكر الكميت ونسبه وخبره
  قال: وفي حوشب يقول الشاعر:
  نجّى حشاشته وأسلم شيخه ... لمّا رأى وقع الأسنّة حوشب
  ابنته ريا وفاطمة بنت أبان بن الوليد
  / قال الطَّلحيّ في هذه الخبر: وحدثني إبراهيم بن علي الأسديّ قال:
  التقت ريّا بنت الكميت بن زيد، وفاطمة بنت أبان بن الوليد بمكة، وهما حاجّتان، فتساءلتا حتى تعارفتا، فدفعت بنت أبان إلى بنت الكميت خلخالي ذهب كانا عليها، فقالت لها بنت الكميت: جزاكم اللَّه خيرا يا آل أبان، فما تتركون برّكم بنا قديما ولا حديثا! فقالت لها بنت أبان: بل أنتم، فجزاكم اللَّه خيرا؛ فإنّا أعطيناكم ما يبيد ويفنى، وأعطيتمونا من المجد والشرف ما يبقى أبدا ولا يبيد، يتناشده الناس في المحافل فيحيي ميّت الذكر، ويرفع بقية العقب.
  مولده وموته ومبلغ شعره
  أخبرني عمي وابن عمّار، قالا: حدثنا يعقوب بن نعيم، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن زيد الخصّاف الطلحيّ، قال: قال محمد بن سلمد بن أرتبيل:
  ولد الكميت أيام مقتل الحسين بن عليّ سنة ستين، ومات في سنة ستّ وعشرين ومائة، في خلافة مروان بن محمد، وكان مبلغ شعره حين مات خمسة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين بيتا.
  وقال يعقوب بن إسرائيل في رواية عمّي خاصة عنه: حدّثت عن المستهلّ بن الكميت أنه قال: حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه، ثم أفاق ففتح عينيه، ثم قال: اللهمّ آل محمد، اللهم آل محمد، اللهم آل محمد - ثلاثا - قال لي: يا بنيّ؛ وددت أني لم أكن هجوت نساء بني كلب بهذا البيت:
  مع العضروط والعسفاء ألقوا ... برادعهنّ غير محصّنينا(١)
  وصيته لابنه في دفنه
  فعممتهنّ قذفا بالفجور، واللَّه ما خرجت بليل قطَّ إلَّا خشيت أن أرمى بنجوم السماء لذلك. ثم قال: يا بنيّ؛ إنه بلغني في الروايات أنه يحفر بظهر الكوفة خندق يخرج فيه الموتى من قبورهم وينبشون منها، فيحوّلون إلى قبور غير قبورهم، فلا تدفنّي في الظهر، ولكن إذا متّ فامض بي إلى موضع يقال له مكران، فادفنّي فيه. فدفن في ذلك الموضع وكان أول من دفن فيه، هي مقبرة بني أسد إلى الساعة.
  قال المستهلّ: ومات أبي في خلافة مروان بن محمد سنة ستّ وعشرين ومائة.
  صوت
  شعر لعمر بن أبي ربيعة:
  أستعين الذي بكفّيه نفعي ... ورجائي على الَّتي قتلتني
  ولقد كنت قد عرفت وأبصر ... ت أمورا لو أنّها نفعتني
(١) العضروط: لخادم على طعام بطنه، والعسيف: الأجير أو العبد المستعان به، وجمعه عسفاء، وفي أ: «براذعهن». وهما بمعنى.