كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن الدمينة ونسبه

صفحة 72 - الجزء 17

  ابن هرمة وصديق له

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء، قال: حدثنا الزّبير بن بكَّار، قال: حدّثني عبد اللَّه بن إبراهيم الجمحيّ، قال:

  حدثني أحمد بن سعيد عن ابن زبنّج راوية ابن هرمة، قال:

  لقي ابن هرمة بعض أصدقائه بالبلاط، فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من المسجد، قال: فأيّ شيء صنعت هناك؟ قال: كنت جالسا مع إبراهيم بن الوليد المخزوميّ، قال: فأيّ شيء قال لك؟ قال: أمرني أن أطلَّق امرأتي.

  قال: فأيّ شيء قلت له؟ قال: ما قلت له شيئا. قال: فو اللَّه ما قال لك ذلك إلَّا لأمر أظهرته عليه وكتمتنيه، أفرأيت إن أمرته بطلاق امرأته، أيطلَّقها؟ قال: لا، واللَّه، قال: فابن الدّمينة كان أنصف منك، كان يهوى امرأة من قومه، فأرسلت إليه: إنّ أهلي قد نهوني عن لقائك / ومراسلتك، فأرسل إليها⁣(⁣١):

  صوت

  أطعت⁣(⁣٢) الآمريك بقطع⁣(⁣٣) حبلي ... مريهم في أحبّتهم بذاك

  فإن هم طاوعوك فطاوعيهم ... وإن عاصوك فاعصي من عصاك

  أما والرّاقصات بكلّ فجّ⁣(⁣٤) ... ومن صلَّى بنعمان الأراك

  لقد أضمرت حبّك في فؤادي ... وما أضمرت حبّا من سواك

  / في هذه الأبيات لإسحاق رمل، وفيها لشارية خفيف رمل بالوسطى، ولعريب خفيف ثقيل، ابتداؤه ينشد في الثالث والرابع ثم الثاني والأول، وفيه لمتيّم خفيف رمل آخر.

  رد عاشق على صاحبته ببيتين له

  وحدّثني بعض أصدقائنا، عن أبي بكر بن دريد - ولم أسمعه منه - قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ، عن عمّه، ووجدته أيضا في بعض الكتب بغير هذا الإسناد عن الأصمعي، فجمعت الحكايتين، قال:

  مررت بالكوفة، وإذا أنا بجارية تطلَّع من جدار إلى الطريق، وفتى واقف وظهره إليّ، وهو يقول لها: أسهر فيك وتنامين عني، وتضحكين مني وأبكي، وتستريحين وأتعب، وأمحضك المودّة وتمذقينها⁣(⁣٥) لي، وأصدقك وتنافقيني، ويأمرك عدوّي بهجري فتطيعينه، ويأمرني نصيحي بذلك فأعصيه! ثم تنفّس وأجهش باكيا. فقالت له: إنّ أهلي يمنعونني منك، وينهونني عنك؛ فكيف أصنع؟ فقال لها:

  أطعت الآمريك بصرم حبلي ... مريهم في أحبّتهم بذاك⁣(⁣٦)


(١) معاهد التنصيص ١/ ١٦٠. وفي شرح الحماسة للتبريزي ٣/ ١٧٥ نسبت لخليد مولى العباس بن محمد المعروف بابن العميثل، وكذا في معجم البلدان (نعمان).

(٢) في أ: «أريت الأيك»، وفي الهامش من نسخة: «أطعت».

(٣) في المختار: «ببتّ حبلي».

(٤) في المختار: «بذات عرق».

(٥) أمحضك المودة: أخلصها. وتمذقينها، من مذق اللبن، إذا خلطه بالماء، أي لا تخلصين المودة.

(٦) في أ: «أريت» وفي هامشها من نسخة: «أطعت».