كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر فند وأخباره

صفحة 178 - الجزء 17

  ضربه سعد بن إبراهيم فحلفت عائشة ألَّا تكلمه أو يرضى عنه

  أخبرني الحسين، قال: قال حماد: قرأت على أبي الهيثم بن عديّ، قال:

  كان فند أبو زيد مولى لسعد بن أبي وقّاص، فضربه سعد بن إبراهيم ضربا مبرّحا، فحلفت عائشة بنت سعد أنها لا تكلَّمه أبدا أو يرضى عنه - وكانت خالته - فصار إليه سعد طاعة لخالته، فوجده وجعا من ضربه، فسلَّم عليه فحوّل وجهه عنه إلى الحائط ولم يكلَّمه؛ فقال له: أبا زيد، إنّ خالتي حلفت إلَّا تكلمني حتى ترضى، ولست ببارح حتى ترضى عني. فقال: أما أنا فأشهد أنك مقيت سمج مبغّض، وقد رضيت عنك على هذه الحال⁣(⁣١) لتقوم عني، وتريحني من وجهك ومن النظر إليك.

  فقام من عنده، فدخل على عائشة، وأخبرها بما قال له فند، فقالت: قد صدق، وأنت كذلك ورضيت عنه.

  قال: وكان سعد مضطرب الخلق سمجا.

  مروان بن الحكم يتهدده

  أخبرني الحسن قال: قال حماد: قرأت على أبي بكر:

  وذكر عوانة أنّ معاوية كان يستعمل مروان بن الحكم على المدينة سنة، ويستعمل سعيد بن العاص سنة، فكانت ولاية مروان شديدة يهرب فيها أهل الدعارة والفسوق، وولاية سعيد ليّنة يرجعون إليها، فبينا مروان / يأتي المسجد وفي يده عكَّازة له، وهو يومئذ معزول، إذا هو بفند يمشي بين يديه، فوكزه بالعكازة، وقال له: ويلك هيه:

  قل لفند يشيّع الأظعانا

  أتشيّع الأظعان للفساد - لا أمّ لك - إلى أهل الريبة! ستعلم ما يحلّ بك منّي، فالتفت إليه فند، وقال: نعم، أنا ذلك وسبحان اللَّه! ما أسمجك واليا ومعزولا! فضحك مروان، وقال له: تمتّع، إنما هي أيّام قلائل ثم تعلم ما يمرّ بك مني.

  صوت

  حيّ الدّويرة إذ نأت ... منّا على عدوائها

  لا بالفراق تنيلنا ... شيئا ولا بلقائها

  عروضه من الكامل⁣(⁣٢) الشعر لنبيه بن الحجّاج السّهميّ، والغناء لابن سريج، رمل بالوسطى / عن عمرو.


(١) المختار: «على هذه الأحوال».

(٢) المراد: من مجزوء الكامل.