كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن مفرغ ونسبه

صفحة 435 - الجزء 18

  ألا طرقتنا آخر اللَّيل زينب ... أصاب عذابي⁣(⁣١) اللون فاللَّون شاحب

  كما الرأس من هول المنيّة أشيب ... قرنت بخنزير وهرّ وكلبة

  زمانا وشان الجلد ضرب مشذّب ... وجرّعتها صهباء من غير لذّة

  تصعّد في الجثمان ثم تصوّب ... وأطعمت ما إن لا يحلّ لآكل⁣(⁣٢)

  وصلَّيت شرقا بيت مكَّة مغرب ... من الطَّفّ مجنوبا⁣(⁣٣) إلى أرض كابل

  فملَّوا وما ملّ الأسير المعذّب ... فلو أنّ لحمي إذ هوى لعبت به

  كرام الملوك أو أسود وأذؤب ... لهوّن وجدي أو لزادت بصيرتي

  ولكنما أودت بلحمي أكلب ... أعبّاد ما للَّؤم عنك محوّل

  ولا لك أمّ في قريش ولا أب ... سينصرني من ليس تنفع عنده

  رقاك وقرم من أميّة مصعب⁣(⁣٤) ... / وقل لعبيد اللَّه: ما لك والد ... بحقّ ولا يدري امرؤ كيف تنسب!

  في أول هذا الشعر غناء نسبته.

  صوت

  ألا طرقتنا آخر اللَّيل زينب ... سلام عليكم هل لما فات مطلب!

  وقالت: تجنّبنا ولا تقربنّنا ... فكيف وأنتم حاجتي أتجنّب!

  الغناء لسياط ثاني ثقيل بالوسطى عن الهشاميّ.

  استثارته قومه ببيتين يقرآن على المصلين بجامع دمشق

  وقالوا جميعا: فلما طال مقام ابن مفرّغ في السجن استأجر رسولا إلى دمشق، وقال له: إذا كان يوم الجمعة فقف على درج جامع⁣(⁣٥) دمشق، ثم اقرأ هذين البيتين بأرفع ما يمكنك من صوتك، وكتبهما في رقعة، وهما:

  أبلغ لديك بني قحطان قاطبة ... عضّت بأير أبيها سادة اليمن

  أضحى دعيّ زياد فقع قرقرة⁣(⁣٦) ... - يا للعجائب - يلهو بابن ذي يزن!

  ففعل الرسول ما أمره به، فحميت اليمانية وغضبوا له، ودخلوا على معاوية فسألوه فيه / فدفعهم⁣(⁣٧) عنه، فقاموا غضابا، وعرف معاوية ذلك في وجوههم، فردّهم ووهبه لهم، ووجّه رجلا من بني أسد يقال له خمخام


(١) ما، مد: «عداتي».

(٢) ما، مد، ب:

«وأطعمت مالا إن يحل لآكل»

(٣) ب: «مجلوبا»، ومجنوبا أي مقودا إلى جنب فرس.

(٤) القرم: السيد. والمصعب: الفحل.

(٥) ف: «مسجد».

(٦) يقال للذليل: هو أذل من فقع بقرقرة أو بقرقر، أي أذل من كمأة في أرض منخفضة؛ لأنه لا يمتنع على من جناه، أو لأنه يداس بالأرجل. وفي مد، ما: «فوق قرقرة». وفي ب: «نقع قرقرة»، تحريف.

(٧) ف: «فدافعهم عنه».