كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عويف ونسبه

صفحة 139 - الجزء 19

  فهل من حلوبة؟ قال: نعم يا عمّ، يروح المال وأبلغ مرادك، / فلما راح ماله قاسمه إيّاه وأعطاه شطره، فقال ابن عنقاء:

  رآني على ما بي عميلة فاشتكى ... إلى ماله حالي أسرّ كما جهر

  وذكر بعد هذا البيت باقي الأبيات. قال أبو زيد: وإنّما تمثّلها⁣(⁣١) عويف.

  رثى سليمان بن عبد الملك ومدح عمر بن عبد العزيز

  أخبرني محمد بن خلف وكيع، والحسن بن عليّ قالا: حدّثنا الغلابيّ، قالا: حدثنا محمد بن عبيد اللَّه، عن عطاء بن مصعب، عن عاصم بن الحدثان، قال:

  لما مات سليمان بن عبد الملك وولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، وفد إليه عويف القوافي وقال شعرا رثى به سليمان ومدح عمر فيه، فلما دخل إليه أنشده:

  لاح سحاب فرأينا برقه ... ثم تدانى فسمعنا صعقه

  وراحت الرّيح تزجّي بلقه ... ودهمه ثم تزجّي ورقه

  ذاك سقى قبرا فروّى ودقه ... قبر امرئ عظَّم ربّي حقّه

  قبر سليمان الَّذي من عقّه ... وجحد الخير الَّذي قد بقّه⁣(⁣٢)

  في المسلمين جلَّه ودقّه ... فارق في الجحود منه صدقه⁣(⁣٣)

  قد ابتلى اللَّه بخير خلقه ... ألقى إلى خير قريش وسقه

  / يا عمر الخير الملقّى وفقه ... سمّيت بالفاروق فافرق فرقه

  وارزق عيال المسلمين رزقه ... واقصد إلى الجود ولا توقّه

  بحرك عذب الماء ما أعقّه ... ريّك فالمحروم من لم يسقه

  فقال له عمر: لسنا من الشّعر في شيء، ومالك في بيت المال حقّ، فألحّ عويف يسأله فقال: يا مزاحم، انظر فيما بقي من أرزاقنا فشاطره إيّاه، ولنصبر على الضّيق إلى وقت العطاء، فقال له عبد الرّحمن بن سليمان بن عبد الملك: بل توفّر يا أمير المؤمنين وعليّ رضا الرّجل، فقال: ما أولاك بذلك، فأخذ بيده وانصرف به إلى منزله، وأعطاه حتى رضى.

  صوت

  صفراء يطويها الضّجيع لصلبها ... طيّ الحمالة ليّن مثناها

  نعم الضّجيع إذا النّجوم تغوّرت ... بالغور أولاها على أخراها


(١) ف: «تمثل بها عويف».

(٢) بقه: وسعه.

(٣) مي:

«فارق منه في الجحود صدقه»