كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن جبلة

صفحة 234 - الجزء 20

  حدّثني عليّ بن جبلة العكوّك المروزيّ قال:

  جاءني أبو يعقوب الخزيميّ فقال لي: إن لي إليك حاجة. قلت: وما هي؟ قال: تهجو لي الهيثم بن عديّ.

  فقلت: ومالك أنت لا تهجوه وأنت شاعر؟ فقال: قد / فعلت، فما جاءني شيء كما أريد. فقلت له: فقلت له:

  كيف أهجو رجلا لم يتقدم إليّ منه إساءة، ولا له إليّ جرم يحفظني؟ فقال: تقرضني، فإني مليّ بالقضاء، قلت:

  نعم، فأمهلني اليوم فمضى، وغدوت عليه فأنشدته:

  للهيثم بن عديّ نسبة جمعت ... آباءه فأراحتنا من العدد

  أعدد عديّا فلو مدّ البقاء له ... ما عمّر الناس لم ينقص ولم يزد

  نفسي نداء بني عبد المدان وقد ... تلَّوه⁣(⁣١) للوجه واستعلوه بالعمد

  حتى أزالوه كرها عن كريمتهم ... وعرّفوه بدلّ أين أصل عدي؟

  يا بن الخبيثة من أهجو فأفضحه ... إذا هجوت وما تنمى إلى أحد؟

  هجاؤه الهيثم بن عدي مزق بينه وبين زوجه:

  قال: وكان الهيثم قد تزوج إلى بني الحارث بن كعب، فركب محمد بن زياد بن عبيد اللَّه بن عبد المدان الحارثيّ، أخو يحيى بن زياد، ومعه جماعة من أصحابه الحارثيّين إلى الرشيد، فسألوه أن يفرّق بينهما. فقال الرشيد: أليس هو الَّذي يقول فيه الشاعر:

  إذا نسبت عديا في بني ثعل ... فقدّم الدال قبل العين في النسب

  قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. قال فهذا الشعر من قاله؟ قالوا: هو لرجل من أهل الكوفة من بني شيبان يقال له:

  ذهل بن ثعلبة فأمر الرشيد داود بن يزيد أن يفرّق بينهما، فأخذوه فأدخلوه دارا وضربوه بالعصيّ حتى طلقها.

  يشخص إلى عبد اللَّه بن طاهر ويمدحه:

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني محمد بن الحسن بن الخصيب قال:

  شخص عليّ بن جبلة إلى عبد اللَّه بن طاهر والي خراسان - وقد مدحه فأجزل / صلته - واستأذنه في الرجوع، فسأله أن يقيم عنده، وكان برّه يتصل عنده، فلما طال مقامه اشتاق إلى أهله، فدخل إليه فأنشده:

  ينشد عبد اللَّه بن طاهر شعرا يطلب به أن يأذن له في الرحيل:

  راعه الشيب إذ نزل ... وكفاه من العذل

  وانقضت مدة الصبا ... فانقضى اللهو والغزل

  قد لعمري دملته ... بخضاب فما أندمل


(١) تله للوجه: كبه له.