أخبار أبي نواس وجنان خاصة
  ٤ - أخبار أبي نواس وجنان خاصة إذ كانت أخباره قد أفردت خاصة
  صفات جنان وصدق أبي نواس في حبها:
  كانت جنان هذه جارية آل عبد الوهاب بن عبد المجيد الثّقفيّ المحدّث الَّذي كان ابن مناذر يصحب ابنه عبد المجيد، ورثاه بعد وفاته، وقد مضت أخبارهما.
  وكانت حلوة جميلة المنظر أديبة، ويقال: إن أبا نواس لم يصدق في حبّه امرأة غيرها.
  حجت جنان فحج معها أبو نواس:
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثني إسحاق بن محمد عن أبي هفّان عن أصحاب أبي نوّاس قالوا:
  كانت جنان جارية حسناء أديبة عاقلة ظريفة، تعرف الأخبار، وتروي الأشعار قال اليؤيؤ: خاصة، وكانت لبعض الثقفيّين بالبصرة، فرآها أبو نواس فاستحلاها، وقال فيها أشعارا كثيرة، فقلت له يوما: إنّ جنان قد عزمت على الحج، فكان هذا سبب حجّة، وقال: أما واللَّه - لا يفوتني المسير معها والحجّ عامي هذا إن أقامت على عزيمتها، فظننته عابثا مازحا، فسبقها واللَّه إلى الخروج بعد أن علم أنها خارجة، وما كان نوى الحجّ، ولا أحدث عزمه له إلَّا خروجها، وقال وقد حج وعاد:
  ألم تر أنني أفنيت عمري ... بمطلبها ومطلبها عسير؟
  فلما لم أجد سببا إليها ... يقرّبني وأعيتني الأمور
  حججت وقلت قد حجّت جنان ... فيجمعني وإياها المسير
  قال اليؤيؤ: فحدّثني من شهده لما حجّ مع جنان وقد أحرم، فلما جنه الليل جعل يلبي بشعر ويحدو ويطرّب، فغنّى به كل من سمعه، وهو قوله:
  /
  إلهنا ما أعدلك! ... مليك كلّ من ملك
  لبّيك قد لبّيت لك ... لبّيك إنّ الحمد لك
  والملك لا شريك لك ... والليل لما أن حلك
  والسابحات في الفلك ... على مجاري المنسلك
  ما خاب عبد أمّلك ... أنت له حيث سلك
  لولاك يا ربّ هلك ... كلّ نبيّ وملك
  وكلّ من أهلّ لك ... سبّح أو لبّى فلك