أخبار دعبل بن علي ونسبه
  وأخبرني بهذين الخبرين الحسن بن علي عن ابن مهرويه عن محمد بن يزيد عن دعبل - وزاد فيه: قال دعبل:
  وصرع مرة مجنون بحضرتي فصحت به: دعبل، ثلاث مرات فأفاق من جنونه.
  سبب خروجه من الكوفة:
  أخبرني محمد بن عمران الصّيرفيّ أبو(١) أحمد قال: حدّثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدّثني عليّ بن عمرو بن شيبان قال: حدّثني أبو خالد الخزاعيّ الأسلميّ، قال العنزيّ: وقد كتبت عن أبي خالد أشياء كثيرة ولم أكتب عنه هذا الخبر، قال:
  كان سبب خروج دعبل بن عليّ من الكوفة أنه كان يتشطَّر ويصحب الشّطار، فخرج هو ورجل من أشجع فيما بين العشاء والعتمة، فجلسا على طريق رجل من الصيارفة، وكان يروح كلّ ليلة بكيسه(٢) إلى منزله، فلما طلع مقبلا إليهما وثبا إليه فجرحاه، وأخذا ما في كمّه، فإذا هي ثلاث رمانات في خرقة، ولم يكن كيسه ليلتئذ معه، ومات الرجل مكانه، واستتر دعبل وصاحبه، وجدّ أولياء الرجل في طلبهما، وجدّ السلطان في ذلك، فطال على دعبل الاستتار، فاضطر إلى أن هرب من الكوفة. قال أبو خالد: فما دخلها حتى كتبت إليه(٣) أعلمه أنه لم يبق من أولياء الرجل أحد.
  يشرح أسباب هجائه الناس:
  أخبرني محمد بن عمران قال: حدّثني أبو خالد الخزاعيّ الأسلميّ قال:
  قلت لدعبل: ويحك! قد هجوت الخلفاء والوزراء والقوّاد ووترت الناس جميعا، فأنت دهرك كلَّه شريد طريد هارب خائف، فلو كففت عن هذا وصرفت هذا الشرّ عن نفسك! فقال: ويحك؟ إني تأملت ما تقول، فوجدت أكثر الناس لا ينتفع بهم إلَّا على الرهبة، ولا يبالي بالشاعر وإن كان مجيدا إذا لم يخف شرّه، ولمن يتقيك على عرضه أكثر ممن يرغب إليك في تشريفه. وعيوب الناس أكثر من محاسنهم، وليس كلّ من شرّفته شرف، ولا كلّ من وصفته بالجود والمجد والشجاعة ولم يكن ذلك فيه انتفع بقولك، فإذا رآك قد أوجعت عرض غيره وفضحته - اتقاك على نفسه وخاف من مثل ما جرى على الآخر. ويحك، يا أبا خالد إن الهجاء المقذع(٤) آخذ بضبع الشاعر من المديح المضرع. فضحكت من قوله، وقلت: هذا واللَّه مقال من لا يموت حتف أنفه.
  البيت الَّذي عرف به:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه / قال: حدّثني الحمدويّ الشاعر قال:
  سمعت دعبل بن عليّ يقول: أنا ابن قولي:
  لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
  وسمعت أبا تمام يقول: أنا ابن قولي:
(١) زيادة في س، ب، مد.
(٢) كذا في م، أ. س، ب: «يكسبه»، تحريف.
(٣) في م، أ: «كتبت إليه وكتب إليه أهله».
(٤) كذا في م، أ، س، ب: «المفرع»، تحريف.