كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دعبل بن علي ونسبه

صفحة 336 - الجزء 20

  استدعى بعض بني هاشم دعبل وهو يتولى للمعتصم ناحية من نواحي الشام، فقصده إليها، فلم يقع منه بحيث⁣(⁣١) ظن وجفاه، فكتب إليه دعبل:

  دلَّيتني بغرور وعدك في ... متلاطم من حومة الغرق

  / حتى إذا شمت العدوّ وقد ... شهر انتقاصك شهرة البلق

  أنشأت تحلف أنّ ودّك لي ... صاف وحبلك غير منحذق⁣(⁣٢)

  وحسبتني فقعا⁣(⁣٣) بقرقرة⁣(⁣٤) ... فوطئتني وطئا على حنق

  ونصبتني علما على غرض ... ترميني الأعداء بالحدق

  وظننت أرض اللَّه ضيّقة ... عني وأرض اللَّه لم تضق

  من غير ما جرم سوى ثقة ... منّي بوعدك حين قلت: ثق

  ومودة تحنو عليك بها ... نفسي بلا منّ ولا ملق

  فمتى سألتك حاجة أبدا ... فاشدد بها قفلا على غلق⁣(⁣٥)

  وقف الإخاء على شفى جرف ... هار⁣(⁣٦) فبعه بيعة الخلق

  وأعدّ لي قفلا وجامعة⁣(⁣٧) ... فاشدد يديّ بها إلى عنقي

  أعفيك مما لا تحبّ بها ... واسدد⁣(⁣٨) عليّ مذاهب الأفق

  ما أطول الدنيا وأعرضها ... وأدلَّني بمسالك الطرق

  يتهم بشتم صفية بنت عبد المطلب فيهرب وينكر التهمة:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثني أبي قال:

  قدم دعبل الدّينور⁣(⁣٩)، فجرى بينه وبين رجل من ولد الزّبير بن العوام كلام / وعربدة على النبيذ، فاستعدى عليه / عمرو بن حميد القاضي، وقال: شتم صفية بنت عبد المطلب، واجتمع عليه الغوغاء، فهرب دعبل، وبعث القاضي إلى دار دعبل فوكَّل بها وختم بابه، فوجّه إليه برقعة فيها: ما رأيت قطَّ أجهل منك إلَّا من ولَّاك، فإنه أجهل، يقضي في العربدة على النبيذ، ويحكم على خصم غائب، ويقبل عقلك أني رافضيّ شتم صفية بنت


(١) س، ب: «بحسن».

(٢) منحذق: منقطع.

(٣) الفقع: البيضاء الرخوة من الكمأة وجمعها فقعة كعنبة.

(٤) قرقرة: أرض مطمئنة لينة. وفي المثل أذل من فقع بقرقرة، لأن الفقع لا يمتنع على من اجتناه، أو لأنه يوطأ بالأرجل.

(٥) الغلق: المغلاق، وهو ما يغلق به.

(٦) هار: منهار.

(٧) الجامعة: الغل.

(٨) س، ب: «اشدد».

(٩) الدينور: مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين.