كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دعبل بن علي ونسبه

صفحة 338 - الجزء 20

  دخل دعبل بن عليّ على عبد اللَّه بن طاهر، فأنشده وهو ببغداد:

  جئت بلا حرمة ولا سبب ... إليك إلَّا بحرمة الأدب

  فاقض ذمامي فإنني رجل ... غير ملحّ عليك في الطلب

  قال فانتعل⁣(⁣١) عبد اللَّه، ودخل إلى الحرم، ووجّه إليه بصرّة فيها ألف درهم، وكتب إليه:

  أعجلتنا فأتاك عاجل برّنا ... ولو انتظرت كثيرة لم يقلل

  فخذ القليل وكن كأنك لم تسلّ ... ونكون نحن كأننا لم نفعل

  يهجو مالك بن طوق فيطلبه فيهرب إلى البصرة:

  أخبرني أحمد بن عاصم الحلوانيّ قال: حدثنا أبو بكر المدائنيّ قال: حدثنا أبو طالب الجعفريّ ومحمد بن أمية الشاعر جميعا قالا:

  هجا دعبل بن عليّ مالك بن طوق قال:

  سألت عنكم يا بني مالك ... في نازح الأرضين والدّانيه⁣(⁣٢)

  طرّا فلم تعرف لكن نسبة ... حتى إذا قلت بني الزانية

  قالوا فدع دارا على يمنة ... وتلك ها دار هم ثانيه

  لا حدّ أخشاه على ... من قال أمّك زانية

  وقال أيضا فيه:

  يا زاني ابن الزان أب ... ن الزان ابن الزانية

  أنت المردّد في الزنا ... ء على السنين الخالية

  ومردّد فيه على ... كرّ السنين الباقية

  وبلغت الأبيات مالكا، فطلبه، فهرب فأتى البصرة وعليها إسحاق بن العباس بن عليّ بن عبد اللَّه بن العباس بن عبد المطلب، وكان بلغه هجاء دعبل وابن أبي عيينة نزارا.

  فأما ابن أبي عيينة فإنه هرب منه فلم يظهر بالبصرة طول أيامه.

  يقبض عليه والي البصرة فيعفيه من القتل ويشهره:

  وأما دعبل فإنه حين دخل البصرة بعث فقبض عليه، ودعا بالنّطع والسيف ليضرب عنقه، فجحد القصيدة وحلف بالطلاق على جحدها وبكلّ يمين تبرّئ من الدم أنه لم يقلها وأن عدوا له قالها، إما أبو سعد المخزومي أو غيره ونسبها إليه ليغري بدمه، وجعل يتضرع إليه ويقبّل الأرض ويبكي بين يديه، فرقّ له، فقال: أما إذا أعفيتك من القتل فلا بد من / أن أشهرك، ثم دعا بالعصا فضربه حتى سلح، وأمر به فألقي على قفاه، وفتح فمه فردّ سلحه فيه


(١) كذا في م، أ. س، ب: «فانتقل».

(٢) في: «نازح الأرض وفي الدانية».