كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي محمد ونسبه

صفحة 360 - الجزء 20

  أخبارهم فإني أخذته عن أبي عبد اللَّه عن عمّيه عبيد اللَّه والفضل، وأضفت إليه أشياء أخر يسيرة أخذتها عن غيره، فذكرت ذلك في مواضعه، ورويته عن أهله.

  يقول في المأمون شعرا وقد ضرب عنق أسيرين فأبان رأسيهما:

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال: حدّثني عمي عبيد اللَّه عن عمه إسماعيل بن أبي محمد قال: حدّثني أبي قال:

  كان الرشيد جالسا في مجلسه فأتي بأسير من الروم، فقال لدفافة العبسيّ: قم فاضرب عنقه، فضربه فنبا سيفه، فقال لابن فليح لندنيّ: قم فاضرب عنقه، فضربه فنبا سيفه أيضا، فقال: أصلح اللَّه أمير المؤمنين! تقدمتني ضربة عبسية، فقال الرشيد للمأمون، وهو يومئذ غلام: قم - فداك أبوك - فاضرب عنقه، فقام فضرب العلج، فأبان رأسه، ثم دعا بآخر فأمره بضرب عنقه، فضربه فأبان رأسه، ونظر إليّ المأمون نظر مستنطق، فقلت:

  أبقي دفافة عارا بعد ضربته ... عند الإمام لعبس آخر الأبد

  كذاك أسرته تنبو سيوفهم ... كسيف ورقاء⁣(⁣١) لم يقطع ولم يكد

  ما بال سيفك قد خانتك ضربته ... وقد ضربت بسيف غير ذي أود

  هلا كضربة عبد اللَّه إذ وقعت ... ففرّقت⁣(⁣٢) بين رأس العلج والجسد

  يحتكم في فضله اثنان فيفضله الحكم على الكسائي فيقول في ذلك شعرا:

  قال إسماعيل بن أبي محمد في أخباره:

  كان حمّويه ابن أخت الحسن الحاجب وسعيد والجوهريّ واقفين، فذكرا أبا محمد - يعني أباه والكسائي - ففضّل حمّويه الكسائي على أبي محمد، وفضل سعيد الجوهري أبا محمد على الكسائي.

  وطال الكلام بينهما إلى أن تراضيا برجل يحكم بينهما، فتراهنا على أنّ من غلب أخذ برذون صاحبه، فجعلا الحكم بينهما / أبا صفوان الأحوزيّ، فلما دخل سألاه فقال لهما: لو ناصح الكسائيّ نفسه لصار إلى أبي محمد، وتعلم منه كلام العرب، فما رأيت أحدا أعلم منه به، فأخذ الجوهريّ دابة حمّويه. وبلغ أبا محمد اليزيديّ هذا الخبر فقال:

  يا حمّويه اسمع ثنا⁣(⁣٣) صادقا ... فيك وما الصادق كالكاذب

  يا جالب الخزي على نفسه ... بعدا وسحقا لك من جالب

  إنّ فخر الناس بآبائهم ... آتيتهم بالعجب العاجب

  قلت وأدغمت⁣(⁣٤) أبا خاملا ... أنا ابن أخت الحسن الحاجب


(١) هو ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي، وكان ضرب خالد بن جعفر بن كلاب بسيفه فلم يصنع شيئا، لأنه قد ظاهر بين درعين (ابن الأثير: ١: ٤١٣).

(٢) كذا في غير س. وفي س «فرقت»، تحريف.

(٣) س، ب: «ثناء»، تحريف.

(٤) مي: «وألغيت».