كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أيمن بن خريم

صفحة 422 - الجزء 20

  وماله؟(⁣١) قالت: واللَّه ما أدري أنا مع رجل أو حائط؟ وإنّ له لسنين⁣(⁣٢) ما يعرف فراشي، فسليه أن يفرّق بيني وبينه، فخرجت عاتكة إلى عبد الملك فذكرت⁣(⁣٣) ذلك له، وسألته في أمرها، فوجّه إلى أيمن بن خريم فحضر، فسأله عما شكت منه فاعترف به، فقال: أو لم أسألك عاما أوّل⁣(⁣٤) عن حالك فوصفت كيت وكيت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن الرجل ليتجمّل عند سلطانه، ويتجلد عند⁣(⁣٥) أعدائه بأكثر مما وصفت نفسي به، وأنا القائل:

  لقيت من الغانيات العجابا ... لو أدرك مني الغواني الشبابا

  ولكنّ جمع النساء الحسان ... عناء شديد إذا المرء شابا⁣(⁣٦)

  ولو كلت بالمدّ للغانيات ... وضاعفت فوق الثياب الثيابا

  / إذا لم تنلهنّ من ذاك ذاك ... جحدنك⁣(⁣٧) عند الأمير الكتابا

  يذدن بكل عصا ذائد ... ويصبحن كلّ غداة صعابا

  إذا لم يخالطن كل الخلا ... ط أصبحن مخرنطمات غضابا⁣(⁣٨)

  علام يكحّلن حور العيون ... ويحدثن بعد الخضاب الخضابا

  ويعركن بالمسك أجيادهنّ ... ويدنين عند الحجال العيابا⁣(⁣٩)

  ويبرقن إلَّا لما تعلمون ... فلا تحرموا الغانيات الضرابا

  قال: فجعل عبد الملك يضحك من قوله، ثم قال: أولى⁣(⁣١٠) لك يا بن خريم! لقد لقيت منهن ترحا⁣(⁣١١)، فما ترى أن نصنع فيما بينك وبين زوجتك؟ قال: تستأجلها إلى أجل العنّين، وأداريها لعلي أستطيع إمساكها، قال: أفعل ذلك، وردّها إليه، وأمر له بما فات من عطائه، وعاد إلى برّه وتقريبه.

  يعتزل عمرو بن سعيد وعبد العزيز بن مروان في منازعة بينهم ويقول في ذلك شعرا:

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ أبو دلف، قال: حدثنا الرياشيّ، قال: ذكر العتبيّ أن منازعة وقعت بين عمرو بن سعيد وعبد العزيز بن مروان، فتعصّب لكل واحد منهما أخواله، وتداعوا بالسلاح واقتتلوا، وكان أيمن بن


(١) في «المختار»: «وما شأنه؟».

(٢) في «المختار»: «سنتين».

(٣) في «المختار»: «فأخبرته».

(٤) في «المختار» و «التجريد»: «عام أول».

(٥) كذا في «المختار» و «التجريد»، وفي ب، س: «على»، وهو تحريف.

(٦) رواية ف، و «المختار»:

ترى الشيب جمع النساء الحسا ... ن عيبا شديدا إذا المرء شابا

وفي «التجريد»: «عتبا» مكان «عيبا»، وأراها تحريف «عتبا»، وبقية البيت كما في ف و «المختار».

(٧) في «المختار» و «التجريد»: «بغينك» وسيأتي البيت، وفيه «الكذابا» مكان «الكتابا»، وهي أشبه.

(٨) مخرنطمات: وصف من أخر نطم: إذا رفع أنفه واستكبر وغضب.

(٩) وفي ف: «الحجاب».

(١٠) أولى لك: دعاء عليه أن يناله مكروه، أولى: أفعل من الولي، بفتح فسكون، وهو القرب. والمراد بالعبارة التعجب.

(١١) الترح: الحزن، وفي «المختار»: «برحا»، أي شدة وأذى.