أخبار أيمن بن خريم
  وماله؟(١) قالت: واللَّه ما أدري أنا مع رجل أو حائط؟ وإنّ له لسنين(٢) ما يعرف فراشي، فسليه أن يفرّق بيني وبينه، فخرجت عاتكة إلى عبد الملك فذكرت(٣) ذلك له، وسألته في أمرها، فوجّه إلى أيمن بن خريم فحضر، فسأله عما شكت منه فاعترف به، فقال: أو لم أسألك عاما أوّل(٤) عن حالك فوصفت كيت وكيت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن الرجل ليتجمّل عند سلطانه، ويتجلد عند(٥) أعدائه بأكثر مما وصفت نفسي به، وأنا القائل:
  لقيت من الغانيات العجابا ... لو أدرك مني الغواني الشبابا
  ولكنّ جمع النساء الحسان ... عناء شديد إذا المرء شابا(٦)
  ولو كلت بالمدّ للغانيات ... وضاعفت فوق الثياب الثيابا
  / إذا لم تنلهنّ من ذاك ذاك ... جحدنك(٧) عند الأمير الكتابا
  يذدن بكل عصا ذائد ... ويصبحن كلّ غداة صعابا
  إذا لم يخالطن كل الخلا ... ط أصبحن مخرنطمات غضابا(٨)
  علام يكحّلن حور العيون ... ويحدثن بعد الخضاب الخضابا
  ويعركن بالمسك أجيادهنّ ... ويدنين عند الحجال العيابا(٩)
  ويبرقن إلَّا لما تعلمون ... فلا تحرموا الغانيات الضرابا
  قال: فجعل عبد الملك يضحك من قوله، ثم قال: أولى(١٠) لك يا بن خريم! لقد لقيت منهن ترحا(١١)، فما ترى أن نصنع فيما بينك وبين زوجتك؟ قال: تستأجلها إلى أجل العنّين، وأداريها لعلي أستطيع إمساكها، قال: أفعل ذلك، وردّها إليه، وأمر له بما فات من عطائه، وعاد إلى برّه وتقريبه.
  يعتزل عمرو بن سعيد وعبد العزيز بن مروان في منازعة بينهم ويقول في ذلك شعرا:
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ أبو دلف، قال: حدثنا الرياشيّ، قال: ذكر العتبيّ أن منازعة وقعت بين عمرو بن سعيد وعبد العزيز بن مروان، فتعصّب لكل واحد منهما أخواله، وتداعوا بالسلاح واقتتلوا، وكان أيمن بن
(١) في «المختار»: «وما شأنه؟».
(٢) في «المختار»: «سنتين».
(٣) في «المختار»: «فأخبرته».
(٤) في «المختار» و «التجريد»: «عام أول».
(٥) كذا في «المختار» و «التجريد»، وفي ب، س: «على»، وهو تحريف.
(٦) رواية ف، و «المختار»:
ترى الشيب جمع النساء الحسا ... ن عيبا شديدا إذا المرء شابا
وفي «التجريد»: «عتبا» مكان «عيبا»، وأراها تحريف «عتبا»، وبقية البيت كما في ف و «المختار».
(٧) في «المختار» و «التجريد»: «بغينك» وسيأتي البيت، وفيه «الكذابا» مكان «الكتابا»، وهي أشبه.
(٨) مخرنطمات: وصف من أخر نطم: إذا رفع أنفه واستكبر وغضب.
(٩) وفي ف: «الحجاب».
(١٠) أولى لك: دعاء عليه أن يناله مكروه، أولى: أفعل من الولي، بفتح فسكون، وهو القرب. والمراد بالعبارة التعجب.
(١١) الترح: الحزن، وفي «المختار»: «برحا»، أي شدة وأذى.