كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار البحتري ونسبه

صفحة 29 - الجزء 21

  وأشباه لهذه الأبيات، ومثلها⁣(⁣١) لا يشاكل طبعه، ولا تليق بمذهبه، وتنبئ بركاكتها وغثاثة / ألفاظها عن قلَّة حظَّه في الهجاء، وما يعرف له هجاء جيّد إلا قصيدتان إحداهما قوله في ابن أبي قماش:

  مرّت على عزمها ولم تقف ... مبدية للشّنان والشّنف

  يقول فيها لابن أبي قماش:

  قد كان في الواجب المحقّق أن ... تعرف ما في ضميرها النّطف

  بما تعاطيت في العيوب وما ... أوتيت من حكمة ومن لطف

  أما رأيت المرّيخ قد مازج الزّ ... هرة في الجدّ منه والشّرف

  وأخبرتك النّحوس أنكما ... في حالتي ثابت ومنصرف

  من أين أعملت ذا وأنت على ... التّقويم والزّيج جدّ منعكف⁣(⁣٢)

  أما زجرت الطيّر العلا أو تعيّ ... فت المها⁣(⁣٣) أو نظرت في الكتف

  رذلت في هذه الصناعة أو ... أكديت أو رمتها على الخرف

  لم تخط باب الدّهليز منصرفا ... إلا وخلخالها مع الشّنف⁣(⁣٤)

  / وهي طويلة، ولم يكن مذهبي ذكرها إلا للإخبار عن مذهبه في هذا الجنس، وقصيدته في يعقوب بن الفرج النّصرانيّ، فإنها - وإن لم تكن في أسلوب هذه وطريقتها - تجري مجرى التّهكَّم باللفظ الطيّب الخبيث المعاني، وهي:

  تظنّ شجوني لم تعتلج ... وقد خلج البين من قد خلج

  وكان البحتريّ يتشبّه بأبي تمّام من شعره، ويحذو مذهبه، وينحو نحوه في البديع الذي كان أبو تمام يستعمله، ويراه صاحبا وإماما، ويقدّمه على نفسه، ويقول في الفرق بينه وبينه قول منصف: إنّ جيّد أبي تمّام خير من جيّده، ووسطه ورديئه خير من وسط أبي تمّام ورديئه⁣(⁣٥)، وكذا حكم هو على نفسه.

  هو وأبو تمام

  : أخبرني محمد بن يحيى الصولي: قال: حدثني الحسين بن علي الياقظانيّ: قال:

  قلت للبحتريّ: أيّما أشعر أنت أو أبو تمام؟ فقال: جيّده خير من جيّدي، ورديئي خير من رديئه.

  حدثني محمد بن يحيى قال: حدثني أبو الغوث يحيى بن البحتري: قال:

  كان أبي يكنّى أبا الحسن، وأبا عبادة، فأشير عليّ⁣(⁣٦) في أيام المتوكل بأن اقتصر⁣(⁣٧) على أبي عبادة، فإنها أشهر، فاقتصرت⁣(⁣٨) عليها.


(١) ف، مم: «من جنسها».

(٢) البيت ساقط من ب، س.

(٣) لعلها: «تعيفت لها» بدل «تعيفت المها».

(٤) الشّنف: ما علَّق بالأذن، وفي ف: «الكتف».

(٥) كذا في ف: وفي باقي النسخ: «ووسطه خير من وسط أبي تمام ورديئه» وهذا أسلم للعبارة.

(٦) ف، مم: «فأشير عليه ... بأن يقتصر ... فاقتصر».