ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره
  إن زرتموها قال حجّابها ... نحن عن الزّوّار في شغل
  مولاتنا مشغولة عندها ... بعل ولا إذن على البعل
  يا بنت معن الخير لا تجهلي ... وأين إقصار عن الجهل
  أتجلد الناس وأنت امرؤ ... تجلد في الدّبر وفي القبل
  ما ينبغي للنّاس أن ينسبوا ... من كان ذا جود إلى البخل
  يبذل ما يمنع أهل الندى ... هذا لعمري منتهى البذل
  ما قلت هذا فيك إلَّا وقد ... جفّت به الأقلام من قبلي
  قال: فبعث إليه عبد اللَّه بن معن، فأتي به؛ فدعا بغلمان له ثم أمرهم أن يرتكبوا منه الفاحشة، ففعلوا ذلك، ثم أجلسه وقال له: قد جزيتك على قولك فيّ، فهل لك في الصّلح ومعه مركب وعشرة آلاف درهم أو تقيم على الحرب؟ قال: بل الصلح. قال: فأسمعني ما تقوله في الصلح؛ فقال:
  ما لعذّالي ومالي ... أمروني بالضّلال
  عذلوني في اغتفاري ... لابن معن واحتمالي
  إن يكن ما كان منه ... فبجرمي وفعالي
  أنا منه كنت أسوا ... عشرة في كلّ حال
  قل لمن يعجب من حس ... ن رجوعي ومقالي
  ربّ ودّ بعد صدّ ... وهوى بعد تقالي(١)
  قد رأينا ذا كثيرا ... جاريا بين الرّجال
  إنما كانت يميني ... لطمت منّي شمالي
  حب سعدى التي كان يحبها ابن معن ثم هجاها:
  / حدّثني محمد بن يحيى الصّوليّ قال حدّثنا محمد بن موسى اليزيديّ قال حدّثنا أبو سويد عبد القويّ بن محمد بن أبي العتاهية ومحمد بن سعد قالا(٢):
  كان أبو العتاهية يهوى في / حداثته امرأة نائحة من أهل الحيرة لها حسن وجمال يقال لها سعدى؛ وكان عبد اللَّه بن معن بن زائدة المكنّى بأبي الفضل يهواها أيضا، وكانت مولاة لهم، ثم اتّهمها أبو العتاهية بالنّساء، فقال فيها:
  ألا يا ذوات السّحق في الغرب والشّرق ... أفقن فإنّ النّيك أشفى من السّحق
  أفقن فإنّ الخبز بالأدم يشتهى ... وليس يسوغ الخبز بالخبز في الحلق
(١) التقالى: التباغض.
(٢) في جميع النسخ: «قال» بالإفراد.