كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الخبر عن غزاة بدر

صفحة 392 - الجزء 4

  رسول اللَّه قد نهى عن قتلك، ومع أبي البختريّ زميل له خرج معه من مكة، وهو جنادة بن مليحة بن زهير بن الحارث بن أسد - وجنادة رجل من بني ليث. واسم أبي البختريّ العاصي بن هشام بن الحارث بن أسد - قال:

  وزميلي؟ فقال المجذّر: لا واللَّه ما نحن بتاركي زميلك؛ ما أمرنا رسول اللَّه إلَّا بك وحدك. قال: واللَّه إذا لأموتن [أنا]⁣(⁣١) وهو جميعا! لا تتحدّث عنّي نساء قريش بين أهل مكة أنّي تركت زميلي حرصا على الحياة. فقال أبو البختريّ حين نازله المجذّر وأبى إلَّا القتال⁣(⁣٢) وهو يرتجز:

  لن يسلم ابن حرّة أكيله⁣(⁣٣) ... حتّى يموت أو يرى سبيله

  / فاقتتلا، فقتله المجذّر بن ذياد. ثم أتى المجذّر بن ذياد رسول اللَّه فقال: والَّذي بعثك بالحق، لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به، فأبى إلَّا القتال، فقاتلته فقتلته.

  عبد الرحمن بن عوف وأمية بن خلف:

  قال محمد بن إسحاق: وحدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد اللَّه بن الزّبير عن أبيه، قال: وحدّثنيه⁣(⁣٤) أيضا عبد اللَّه بن أبي بكر وغيرهما عن عبد الرحمن بن عوف قال:

  كان أميّة بن خلف لي صديقا بمكة. قال: وكان اسمي عبد عمرو، فسمّيت حين أسلمت عبد الرحمن ونحن بمكة. قال: وكان يلقاني بمكة فيقول: يا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سمّاك به أبواك؟ فأقول نعم؛ فيقول: فإنّي لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به، أمّا أنت فلا تجيبني باسمك الأوّل، وأمّا أنا فلا أدعوك بما لا أعرف. قال: فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو، لم أجبه. فقلت: اجعل بيني وبينك يا أبا عليّ ما شئت. قال: فأنت عبد الإله. فقلت نعم. قال: فكنت إذا مررت به قال: يا عبد / الإله فأجيبه فأتحدّث معه. حتى إذا كان يوم بدر، مررت به وهو واقف مع عليّ ابنه آخذا بيده، ومعي أدراع قد سلبتها وأنا أحملها. فلمّا رآني قال: يا عبد عمرو، فلم أجبه. فقال: يا عبد الإله، قلت نعم. قال: هل لك فيّ فأنا خير لك من هذه الأدراع؟ قلت: نعم، هلمّ إذا.

  فطرحت الأدراع من يدي وأخذت بيده وبيد ابنه عليّ، وهو يقول: ما رأيت كاليوم قطَّ، أما لكم حاجة في اللبن⁣(⁣٥)؟

  ثم خرجت أمشى بينهما.

  مقتل أمية بن خلف وابنه:

  قال ابن إسحاق: وحدّثني عبد الواحد بن أبي عون عن سعد⁣(⁣٦) بن إبراهيم بن عبد الرحمن عن أبيه عن⁣(⁣٧) عبد الرحمن بن عوف قال:


() «المشتبه في أسماء الرجال» للذهبي (ص ٤٦٤) و «شرح القاموس» مادة ذود. وورد فيه: «والمجذر بن ذياد بالكسر ويقال ذيّاد ككتّان، والأول أكثر». وفي الأصول: «زياد» بالزاي. وفي «سيرة ابن هشام» (ص ٤٤٧): «ويقال المجذر بن ذئاب».

(١) زيادة عن م و «السيرة» والطبري.

(٢) كذا في م و «السيرة». وفي سائر الأصول: «القتل».

(٣) في «سيرة ابن هشام»: «زميله».

(٤) كذا في «السيرة». وفي الأصول: «حدّثني».

(٥) قال ابن هشام: «يريد باللبن أن من أسرني افتديت منه بابل كثيرة اللبن».

(٦) كذا في الطبري. وفي «تهذيب التهذيب» لابن حجر العسقلاني أن عبد الواحد بن أبي عون يروي عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وقد ورد في الأصول: ... أبي عون بن سعيد بن إبراهيم إلخ» وهو خطأ.

(٧) كذا في م و «سيرة ابن هشام» والطبري. وفي سائر الأصول: «عن أبيه عبد الرحمن» وهو خطأ.