كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الخبر عن غزاة بدر

صفحة 397 - الجزء 4

  / قدم بالأسارى / حين قدم بهم، وسودة بنت زمعة (زوج النبيّ ) عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوّذ ابني عفراء، وذلك قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب. قال: تقول سودة: واللَّه إنّي لعندهم إذ أتينا، فقيل:

  هؤلاء الأسارى قد أتي بهم، فرحت إلى بيتي ورسول اللَّه فيه، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل. قالت: فو اللَّه ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: يا أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم، ألا متّم كراما! فو اللَّه ما أنبهني إلَّا قول رسول اللَّه من البيت: «يا سودة أعلى اللَّه وعلى رسوله»! قالت فقلت: يا رسول اللَّه، والذي بعثك بالحقّ ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه بحبل أن قلت ما قلت.

  إخبار الحيسمان أهل مكة عن قتلى بدر:

  قال محمد بن إسحاق: وكان أوّل من قدم مكة بمصاب قريش، الحيسمان⁣(⁣١) بن عبد اللَّه بن إياس بن ضبيعة بن رومان بن كعب بن عمرو الخزاعيّ. قالوا: ما وراءك؟ قال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأميّة بن خلف، وزمعة بن الأسود، وأبو البختريّ بن هشام، ونبيه ومنبّه ابنا الحجّاج. قال: فلمّا جعل يعدّد أشراف قريش قال صفوان بن أميّة وهو قاعد في الحجر: واللَّه إن يعقل هذا فسلوه عنّي. قالوا: ما فعل صفوان بن أميّة؟ قال: هو ذلك جالس في الحجر، وقد واللَّه رأيت أباه وأخاه حين قتلا.

  أبو لهب وتخلفه عن الحرب ثم موته:

  قال محمد بن إسحاق حدّثني حسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عبّاس عن عكرمة⁣(⁣٢) مولى ابن عبّاس قال:

  قال أبو رافع مولى رسول اللَّه : كنت غلاما للعبّاس بن عبد المطَّلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، [فأسلم العبّاس]⁣(⁣٣) وأسلمت أمّ الفضل، وأسلمت، وكان العبّاس يهاب قومه، ويكره خلافهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرّق في قومه، وكان أبو لهب عدوّ اللَّه قد تخلَّف عن بدر، وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكذلك صنعوا، لم يتخلَّف رجل إلَّا بعث مكانه رجلا. فلمّا جاء الخبر عن مصاب أهل بدر من قريش، كبته اللَّه وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوّة وعزّا؛ وكنت رجلا ضعيفا، وكنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم؛ فو اللَّه إنّي لجالس فيها أنحت القداح، وعندي أمّ الفضل جالسة وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجرّ رجليه يسير⁣(⁣٤) حتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري. فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب قد قدم؛ فقال أبو لهب: هلمّ إليّ يا بن أخي، فعندك لعمري الخبر. فجلس


() الحارث بن يزيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، ولم يكن لأسعد بن زرارة ذكر وليس له عقب إلا ولادات بناته هؤلاء، والعقب لأخيه سعد من زرارة.

(١) كذا في «تاريخ الطبري» (ص ١٣٣٨ من القسم الأوّل طبع أوروبا) و «سيرة ابن هشام» (ص ٤٦٠) و «شرح القاموس» مادة «حسم».

وفي الأصول: «الحيثمان» بالثاء المثلثة، وهو تحريف. ثم ذكر الطبري خلافا في نسب الحيسمان هذا فقال: «وقال الواقديّ:

الحيسمان بن حابس الخزاعي. وفي» الاشتقاق «لابن دريد (ص ٢٨٠):» الحيسمان بن عمرو. وفي» أسد الغابة «:» الحيسمان بن إياس بن عبد اللَّه بن إياس بن ضبيعة بن عمرو بن مازن. وذكر في» الإصابة «في نسبه أقوالا كثيرة، فراجعها.

(٢) كذا في «سيرة ابن هشام». وفي سائر النسخ: «عن عكرمة بن إسحاق مولى ابن عباس» تحريف.

(٣) الزيادة عن «السيرة».

(٤) في «السيرة»: «بشرّ».