ذكر الخبر عن غزاة بدر
  أتبكي أن أضلّ لها بعير ... ويمنعها البكاء من الهجود(١)
  ولا(٢) تبكي على بكر ولكن ... على بدر تقاصرت الجدود(٣)
  على بدر سراة(٤) بني هصيص ... ومخزوم ورهط أبي الوليد
  وبكَّي(٥) إن بكيت على عقيل ... وبكَّي حارثا أسد الأسود
  وبكَّيهم ولا تسمي جميعا ... فما لأبي حكيمة من نديد
  ألا قد ساد بعدهم رجال ... ولولا يوم بدر لم يسودوا
  رثاء هند بنت عتبة أباها:
  ومما قيل في بدر من الشّعر وغنّي به قول هند بنت عتبة ترثي أباها:
  صوت
  من حسّ(٦) لي الأخوين كال ... غصنين أو من رآهما(٧)
  قرمان(٨) لا يتظالما ... ن ولا يرام حماهما
  ويلي على أبويّ وال ... قبر الذي واراهما
  لا مثل كهلي في الكهو ... ل ولا فتى كفتاهما
  - ذكر الهشاميّ أنّ الغناء لابن سريج رمل، وفي الكتاب الكبير المنسوب إلى إسحاق أنه للغريض - وتمام هذه الأبيات:
(١) ورد هذا البيت في «حماسة أبي تمام» و «السيرة» ص ٤٦٢ والطبري هكذا:
أتبكي أن يضل لها بعير ... ويمنعها من النوم السهود
وذكر معه في «الحماسة» الثاني والأخير من هذه الأبيات، وهما البيتان المتفقان معه في حركة الروي.
(٢) في «الحماسة» والطبري و «السيرة»: «فلا ... إلخ».
(٣) البكر: الفتيّ من الإبل. وتقاصرت الجدود أي تواضعت الحظوظ. يريد أنه يستهين فقد المال ويستعظم فقد النفوس. وتقاصرت:
تفاعلت من القصور والعجز، كأنها تبارت في القصور. ويحتمل أن تكون من القصر الذي هو ضد الطول، وتكون كلمة «على» من «على بدر» موضوعة موضع الباء؛ كما يقال: هم على ماء كذا وهم بماء كذا. وقال أبو هلال: تقاصرت الجدود: عثرت. والعاثر يتطأطأ عند العثار فيتقاصر. والعثار في الجدّ مثل، وكذلك التقاصر. ويجوز أن يقال: إنه أراد بالجدود الأعمار أي إنه قتل من قتل من المشركين فذهب بهم عز قريش، أي لا تبكي على بكر وابكي على من تقاصرت جدودهم ببدر فهلكوا. (عن «شرح الحماسة» للتبريزي باختصار).
(٤) سراة: جمع سرى وهو السيد الكريم.
(٥) بكَّاه بالتضعيف مثل بكاه المخفف.
(٦) حس من باب نصر كاحس.
(٧) أصل رآهما: رآهما؛ فخففت فيه الهمزة على حدّ: «لا هناك المرتع»؛ فاجتمعت ألفان، فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين. (انظر «اللسان» مادة رأى).
(٨) القرم: السيد العظيم.