كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب علس ذي جدن وأخباره

صفحة 406 - الجزء 4

  ذا جدن لحسن صوته - والجدن: الصوت بلغتهم - ويقال: إنه أوّل من تغنّى باليمن.

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن ابن الكلبيّ وأبي مسكين قالا: إنّما سمّي ذا جدن لحسن صوته.

  قبره بصنعاء وآثاره:

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثنا عليّ بن الصّبّاح عن ابن الكلبيّ عن إسماعيل بن إبراهيم بن ذي الشّعار الهمدانيّ عن حيّان بن هانئ الأرحبيّ عن أبيه قال:

  أخبرني رجل من أهل صنعاء: أنّهم حفروا حفيرا في زمن مروان، فوقفوا على أزج⁣(⁣١) له باب، فإذا هم برجل على سرير كأعظم ما يكون من الرجال، عليه خاتم من ذهب وعصابة من ذهب، وعند رأسه لوح من ذهب مكتوب فيه: «أنا علس ذو جدن القيل، لخليلي منّي النّيل، ولعدوّي منّي الويل. طلبت فأدركت وأنا ابن مائة سنة من عمري، وكانت الوحش تأذن⁣(⁣٢) لصوتي. وهذا سيفي ذو الكفّ عندي، ودرعي ذات الفروج ورمحي الهزبريّ، وقوسي الفجواء⁣(⁣٣)، وقربي⁣(⁣٤) ذات الشرّ، فيها ثلاثمائة حشر، من صنعة ذي نمر⁣(⁣٥)؛ أعددت ذلك لدفع الموت عنّي فخانني». قال: فنظرنا فإذا جميع ذلك عنده. ووجدت هذا الخبر عن ابن الكلبيّ في بعض الكتب من غير رواية ابن عمّار، فوجدت فيه: فإذا طول السيف اثنا عشر شبرا، وعليه مكتوب تحت شاربه⁣(⁣٦) بالمسند⁣(⁣٧): «باست امرئ كنت في يده فلم ينتصر».

  انقضت أخباره.


(١) عبارة «القاموس» و «شرحه» مادّة أزج: «الأزج محركة: ضرب من الأبنية». وفي «الصحاح» و «المصباح» و «اللسان»: الأزج: بيت يبنى طولا ويقال له بالفارسية أوستان.

(٢) تأذن كتفرح: تسمع. يشير بذلك إلى جمال صوته.

(٣) القوس الفجواء: هي التي يبين وترها عن كبدها، ومثل الفجواء الفجّاء والمنفجّة.

(٤) القرن: الجعبة. والحشر: الدقيق من الأسنّة.

(٥) ذو نمر: واد بنجد في ديار بني كلاب. (انظر «معجم ياقوت» في نمر، وكتاب «ما يعوّل عليه في المضاف والمضاف إليه» في «ذي نمر»).

(٦) للسيف شاربان وهما، كما قال ابن شميل، أنفان طويلان أسفل القائم، أحدهما من أحد الجانبين والآخر من الجانب الآخر، وتحتهما الغاشية. والشارب والغاشية يكونان من حديد وفضة وأدم.

(٧) المسند: خط لحمير، وهو موجود بكثرة في الحجارة وقصور اليمن، وترى صورته في كتاب «منتخبات في أخبار اليمن» (ص ٥٢ طبع ليدن) وكتاب «تاريخ الأدب» للمرحوم حفني ناصف بك (ج ١ ص ٥٠ طبع مصر).