كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الأحوص وأخباره ونسبه

صفحة 417 - الجزء 4

  دنيء الأخلاق والأفعال، أشدّ تقدّما منهم عند جماعة أهل الحجاز وأكثر الرّواة؛ وهو أسمح طبعا، وأسهل كلاما، وأصحّ معنى منهم؛ ولشعره رونق وديباجة صافية وحلاوة وعذوبة ألفاظ ليست لواحد منهم. وكان قليل المروءة والدّين، هجّاء للناس، مأبونا فيما يروى عنه.

  جلد سليمان بن عبد الملك إياه والسبب في ذلك:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني أبو عبيدة أنّ جماعة من أهل المدينة أخبروه:

  أنّ السبب في جلد سليمان⁣(⁣١) بن عبد الملك، أو الوليد بن عبد الملك إيّاه ونفيه له، أنّ شهودا شهدوا عليه عنده أنه قال: إذا أخذت جريري⁣(⁣٢) لم أبال أيّ الثلاثة لقيت ناكحا أو منكوحا أو زانيا. قالوا⁣(⁣٣): وانضاف إلى ذلك أنّ سكينة / بنت الحسين ® فخرت يوما برسول اللَّه ؛ ففاخرها بقصيدته التي يقول فيها:

  ليس جهل أتيته ببديع

  فزاده ذلك حنقا عليه وغيظا حتّى نفاه.

  فخرت سكينة بالنبيّ ففاخرها بجدّه وخاله:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة:

  أنّ الأحوص كان يوما عند سكينة، فأذّن المؤذّن، فلمّا قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه، أشهد أنّ محمدا رسول اللَّه، فخرت سكينة بما سمعت؛ فقال الأحوص:

  فخرت وانتمت فقلت ذريني ... ليس جهل أتيته ببديع

  فأنا⁣(⁣٤) ابن الذي حمت لحمه الدّب ... ر قتيل اللَّحيان يوم الرّجيع

  غسّلت خالي الملائكة الأب ... رار ميتا طوبى له من صريع

  قال أبو زيد: وقد لعمري فخر بفخر لو على غير سكينة فخر به! وبأبي سكينة / حمت أباه⁣(⁣٥) الدّبر وغسّلت خاله الملائكة.

  هجاؤه لابن حزم عامل المدينة:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني محمد بن يحيى عن أيّوب بن عمر عن أبيه قال:


(١) في م: «في ضرب ابن حزم». وابن حزم هذا هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كان عاملا لسليمان بن عبد الملك على المدينة.

(٢) الجرير: الزمام، وهذا كناية عن إطلاق سراحه: وفي الحديث أن الصحابة نازعوا جرير بن عبد اللَّه زمامه، فقال رسول اللَّه :

«خلوا بين جرير والجرير» أي دعوا له زمامه. وفي ح، م: «صريرتي». وفي سائر الأصول: «صريري»، وهما تحريف.

(٣) فيء، ط: «قال»:

(٤) نبهنا فيما تقدّم أن المرحوم الأستاذ الشنقيطي صحح هذه الكلمة ب «وأبى ابن الذي ...».

(٥) كذا في ح. وفي أكثر الأصول: «لحمه».