ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه
  /
  لا نبتغي(١) لبن البعير وعندنا ... ماء الزّبيب وناطف المعصار
  هو أحد من ختم بهم الشعراء في رأي الأصمعيّ:
  أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا زكريّا بن يحيى بن خلَّاد قال:
  كان الأصمعيّ يقول: ختم الشعراء بابن هرمة، والحكم الخضريّ(٢)، وابن ميّادة، وطفيل الكنانيّ، ومكين(٣) العذريّ.
  رهن رداءه في النبيذ:
  قال هارون بن محمد بن عبد الملك حدّثني أبو حذافة السّهميّ أحمد بن إسماعيل قال:
  كان ابن هرمة مدمنا للشراب مغرما به؛ فأتى أبا عمرو بن أبي راشد مولى عدوان؛ فأكرمه وسقاه أيّاما ثلاثة.
  فدعا ابن هرمة بالنبيذ؛ فقال له غلام لأبي عمرو ابن أبي راشد: قد نفد نبيذنا. فنزع ابن هرمة رداءه عن ظهره فقال للغلام: اذهب به إلى ابن حونك(٤) (نبّاذ كان بالمدينة)، فارهنه عنده وأتنا بنبيذ، ففعل. وجاء ابن(٥) أبي راشد، فجعل يشرب معه من ذلك النبيذ. فقال له: أين رداؤك يا أبا إسحاق؟ فقال: نصف في القدح ونصف في بطنك.
  مدح محمد بن عمران الطلحيّ فاحتجب عنه فمدح محمد بن عبد العزيز فأجازه:
  قال هارون حدّثني محمد بن عمر بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزّهريّ قال حدّثني عمّي عبد العزيز بن إسماعيل قال:
  / مدح ابن هرمة محمد بن عمران الطَّلحيّ، وبعث إليه بالمديح مع / ابن ربيح(٦)، فاحتجب عنه؛ فمدح محمد بن عبد العزيز؛ وكان ابن هرمة مريضا، فقال قصيدته التي يقول فيها:
  إنّي دعوتك إذ جفيت وشفّني ... مرض تضاعفني(٧) شديد المشتكى
  وحبست عن طلب المعيشة وارتقت ... دوني الحوائج في وعور المرتقى
  فأجب أخاك فقد أناف بصوته ... يا ذا الإخاء ويا كريم المرتجى
(١) في ط، م، ء: «لا تبتغي» بالتاء الفوقية. ويكون الخطاب، على هذه الرواية لأنثى.
(٢) في ب، س: «الحضرمي» وهو تصحيف.
(٣) كذا في ح، ء، ط «والشعر والشعراء» (ص ٤٧٣ طبع أوروبا). وفي ب، س: «دكين» بالدال المهملة. وفي م: «ذكين» بالذال المعجمة.
(٤) في ح: «ابن هويك». وقد ضبط فيها بالقلم بضم الهاء وفتح الواو وسكون الياء. وفي م: «ابن حوقل» بالقاف واللام.
(٥) كذا في أكثر النسخ. وفي س، م: «وجاء إلى ابن حوقل بن أبي راشد» بزيادة «إلى ابن حوقل» سهوا من الناسخ.
(٦) كذا في ط، ء، م، وسيذكر غير مرة في جميع الأصول كذلك. وفي ح: «ابن زنيج» بالزاي والنون والجيم. وفي ب، س: «ابن ربيع»، وكلاهما تحريف. وابن ربيح هذا هو راوية ابن هرمة.
(٧) كذا في أكثر الأصول. ولم نجد هذه الصيغة في كتب اللغة تدل على المعنى المراد هنا وهو أضعفني وأسقمني. وفي م، ح:
«يضاعفنى» بالياء وضاعفه: جعله ضعفين. فلعل المراد على هذه الرواية: مرض يضاعف شكواي.