كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه

صفحة 528 - الجزء 4

  / أنّ ابن هرمة كان مغرما بالنبيذ، فمرّ على جيرانه وهو شديد⁣(⁣١) السّكر حتى دخل منزله. فلمّا كان من الغد دخلوا عليه⁣(⁣٢) فعاتبوه على الحال التي رأوه عليها؛ فقال لهم: أنا في طلب مثلها منذ دهر، أما سمعتم قولي:

  أسأل اللَّه سكرة قبل موتي ... وصياح الصّبيان يا سكران

  قال: فنفضوا ثيابهم وخرجوا، وقالوا: ليس يفلح واللَّه هذا أبدا.

  لم يحمل جنازته إلا أربعة نفر وكان ذلك مصداقا لشعر له:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال: أنشدني عمّي لابن هرمة:

  ما أظنّ الزمان يا أمّ عمر⁣(⁣٣) ... تاركا إن هلكت من يبكيني

  قال: فكان واللَّه كذلك؛ لقد مات فأخبرني من رأى جنازته ما يحملها إلَّا أربعة نفر، حتّى دفن بالبقيع.

  ولد سنة ٩٠ هـ ومدح المنصور وعمره خمسون سنة وعاش بعد ذلك طويلا:

  قال يحيى بن عليّ - أراه⁣(⁣٤) عن البلاذريّ -: ولد ابن هرمة سنة تسعين، وأنشد أبا جعفر المنصور في سنة أربعين ومائة قصيدته التي يقول فيها:

  إنّ الغواني قد أعرضن مقلية ... لمّا رمى هدف الخمسين ميلادي

  قال: ثم عمّر بعدها مدّة طويلة.


(١) في «مختار الأغاني» لابن منظور (ج ١ ص ٩٢ طبع مصر): «منبتّ سكرا» أي منقطع. وفيء، ط، م: «فمر على جيرانه وهو مثبت سكرا» بالثاء المثلثة وهو تصحيف عن «منبت».

(٢) كذا في «مختار الأغاني» لابن منظور. وفي جميع الأصول: «إليه».

(٣) في ح: «يا أم سعد».

(٤) في م: «رواه عن البلاذريّ».