ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه
  / أنّ ابن هرمة كان مغرما بالنبيذ، فمرّ على جيرانه وهو شديد(١) السّكر حتى دخل منزله. فلمّا كان من الغد دخلوا عليه(٢) فعاتبوه على الحال التي رأوه عليها؛ فقال لهم: أنا في طلب مثلها منذ دهر، أما سمعتم قولي:
  أسأل اللَّه سكرة قبل موتي ... وصياح الصّبيان يا سكران
  قال: فنفضوا ثيابهم وخرجوا، وقالوا: ليس يفلح واللَّه هذا أبدا.
  لم يحمل جنازته إلا أربعة نفر وكان ذلك مصداقا لشعر له:
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال: أنشدني عمّي لابن هرمة:
  ما أظنّ الزمان يا أمّ عمر(٣) ... تاركا إن هلكت من يبكيني
  قال: فكان واللَّه كذلك؛ لقد مات فأخبرني من رأى جنازته ما يحملها إلَّا أربعة نفر، حتّى دفن بالبقيع.
  ولد سنة ٩٠ هـ ومدح المنصور وعمره خمسون سنة وعاش بعد ذلك طويلا:
  قال يحيى بن عليّ - أراه(٤) عن البلاذريّ -: ولد ابن هرمة سنة تسعين، وأنشد أبا جعفر المنصور في سنة أربعين ومائة قصيدته التي يقول فيها:
  إنّ الغواني قد أعرضن مقلية ... لمّا رمى هدف الخمسين ميلادي
  قال: ثم عمّر بعدها مدّة طويلة.
(١) في «مختار الأغاني» لابن منظور (ج ١ ص ٩٢ طبع مصر): «منبتّ سكرا» أي منقطع. وفيء، ط، م: «فمر على جيرانه وهو مثبت سكرا» بالثاء المثلثة وهو تصحيف عن «منبت».
(٢) كذا في «مختار الأغاني» لابن منظور. وفي جميع الأصول: «إليه».
(٣) في ح: «يا أم سعد».
(٤) في م: «رواه عن البلاذريّ».