ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه
  فتورّكها مرارا. فقالت له. أجفيتني(١)؛ فقال لها: الذي أحفى صاحبه منّا يعضّ بظر أمّه.
  أغراه قوم بالحكم بن المطلب بأن يطلب منه شاة كانت عزيزة عليه فأعطاه الحكم كل ما عنده من شاء:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني المسيّبيّ محمد بن إسحاق قال حدّثني إبراهيم بن سكرة جار أبي ضمرة قال:
  جلس ابن هرمة مع قوم على شراب، فذكر الحكم بن المطَّلب فأطنب في مدحه. فقالوا له: إنّك لتكثر ذكر رجل لو طرقته الساعة في شاة يقال لها «غرّاء» تسأله إيّاها لردّك عنها. فقال: أهو يفعل هذا؟ قالوا: إي واللَّه. وكانوا قد عرفوا أنّ الحكم بها معجب، وكانت في داره سبعون شاة تحلب. فخرج وفي رأسه ما فيه، فدقّ الباب فخرج إليه غلامه. فقال له: أعلم أبا مروان بمكاني - وكان قد أمر ألَّا يحجب إبراهيم بن هرمة عنه - فأعلمه به، فخرج إليه متّشحا فقال: أفي مثل هذه الساعة يا أبا إسحاق! فقال: نعم / جعلت فداك، ولد لأخ لي مولود فلم تدرّ عليه أمّه، فطلبوا / له شاة حلوبة فلم يجدوها، فذكروا له شاة عندك يقال لها «غرّاء»، فسألني أن أسألكها. فقال: أتجيء في هذه الساعة ثم تنصرف بشاة واحدة! واللَّه لا تبقى في الدار شاة إلَّا انصرفت بها، سقهنّ معه يا غلام، فساقهنّ.
  فخرج بهنّ إلى القوم، فقالوا: ويحك! أيّ شيء صنعت! فقصّ عليهم القصة. قال: وكان فيهنّ واللَّه ما ثمنه عشرة دنانير وأكثر من عشرة.
  لما سمع بقتل الوليد أنشد شعرا في مدحه:
  قال هارون وحدّثني حمّاد بن إسحاق قال ذكر أبي عن أيّوب بن عباية عن عمر بن أيّوب اللَّيثيّ قال:
  شرب ابن هرمة عندنا يوما فسكر فنام. فلمّا حضرت الصلاة تحرّك أو حرّكته. فقال لي وهو يتوضّأ: ما كان حديثكم اليوم؟ قلت يزعمون أنّ الوليد قتل؛ فرفع رأسه إليّ وقال:
  وكانت أمور الناس منبتّة القوى ... فشدّ الوليد حين قام نظامها
  خليفة حقّ لا خليفة باطل ... رمى عن قناة الدّين حتى أقامها
  ثم قال لي: إيّاك أن تذكر من هذا شيئا؛ فإنّي لا أدري ما يكون.
  كان ابن الأعرابي يقول: ختم الشعراء بابن هرمة:
  أخبرني عليّ بن سليمان النحويّ قال حدّثنا أبو العبّاس الأحول عن ابن الأعرابيّ: أنه كان يقول: ختم الشعراء بابن هرمة.
  سكر مرّة سكرا شديدا فعتب عليه جيرانه فأجابهم:
  أخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى قال أخبرني أحمد بن يحيى البلاذريّ:
(١) أحفيتني هنا: أجهدتني.
(٢) كذا في ح. وفي م: «فذكرت لي شاة». وفي سائر الأصول: «فذكرت شاة».