2 - حرب بكر وتغلب
  ورأيتهنّ. قال مقاتل: ولم يقاتل معنا من بني يشكر ولا من بني لجيم ولا ذهل بن ثعلبة غير ناس من بني يشكر وذهل قاتلت بأخرة(١)، ثم جاء ناس من بني لجيم يوم قضة مع الفند. وفي ذلك يقول سعد بن مالك:
  إنّ لجيما قد أبت كلَّها ... أن يرفدونا رجلا واحدا
  ويشكر أضحت على نأيها ... لم تسمع الآن لها حامدا
  ولا بنو ذهل وقد أصبحوا ... بها حلولا(٢) خلفا ماجدا
  القائدي الخيل لأرض العدا ... والضاربين الكوكب الوافدا(٣)
  وقال البكريّ:
  وصدّت لجم للبراءة إذ رأت ... أهاضيب(٤) موت تمطر الموت معضلا
  ويشكر قد مالت قديما وأرتعت ... ومنّت بقرباها إليهم لتوصلا
  وقالوا جميعا: مات جسّاس حتف أنفه ولم يقتل.
  عدد القتلى من بكر وتغلب والاستشهاد على ذلك بشعر مهلهل:
  قال عامر بن عبد الملك: لم يكن بينهم من قتلى تعدّ ولا تذكر إلا ثمانية نفر من تغلب وأربعة من بكر عدّدهم مهلهل في شعريه(٥)، يعني قصيدتيه:
  أليلتنا بذي حسم(٦) أنيري ... إذا أنت انقضيت فلا تحوري
  فإن يك بالذّنائب طال ليلي ... فقد أبكي من الليل القصير
  فلو نبش المقابر عن كليب ... فيعلم بالذنائب أيّ زير
  بيوم الشّعثمين(٧) أقرّ عينا ... وكيف لقاء من تحت القبور
(١) بأخرة: أخيرا، يقال جاء أخرة وبأخرة (بفتح الهمزة والخاء وبضم الهمزة).
(٢) كذا في ح. وفي ب، س:
«حلولا خلقا ماجدا»
وفي ط، ء:
«حلولا حلقا ماجدا»
وفي م:
«حلوما خلفا ماجدا»
(٣) كذا في ب. والكوكب: سيد القوم وفارسهم، والرجل بسلاحه. والوافد: القادم. وفي باقي الأصول: «الواقدا» بالقاف، ولعله تصحيف.
(٤) الأهاضيب: جمع أهضوبة وهي الدفعة من المطر.
(٥) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «في شعره يعني من قصيدته».
(٦) ذو حسم: موضع بالبادية. وتحوري: ترجعي.
(٧) يوم الشعثمين: هو يوم واردات، كما في «العقد الفريد»، بيد أن شعر الأخطل الآتي يدل على أنه يوم الذنائب. والشعثمان هما شعثم وعبد شمس ابنا معاوية بن عامر بن ذهل بن ثعلبة، كما في العقد الفريد «، وقيل: هما شعثم وشعيث، وقيل في اسميهما غير ذلك.
وأضيف هذا اليوم إليهما لأنهما قتلا فيه. وقد جمعهما الأخطل في قصيدة يفتخر فيها بقومه بني تغلب على «شعاثم»، يريد ابني معاوية ومن قتل معهما في ذلك اليوم، فقال:
بقوم هم يوم الذنائب أهلكوا ... «شعاثم» رهط الحارث بن عباد
وقال أبو علي القالي في أماليه: «الشعثمان: موضع معروف». وردّ قوله هذا بأنه لم يذكره أحد ممن شرح حرب البسوس وذكر أيامها. (راجع «شرح شواهد المغني» للبغدادي ج ٢ ص ٢٣٤ من النسخة المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية برقم ٢ نحو ش و «العقد الفريد» ج ٣ ص ٩٥). وأقرّ عينا: جواب «لو» الشرطية في البيت الذي قبل هذا البيت. و «رواية الأمالي»: «لقرّ عينا» باللام. وقد تقدّم في ص ٣٨ أن هذا الفعل نصب لما في «لو» من معنى التمني.