كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 118 - الجزء 5

  له وما كذب، ولكنّي مررت به البارحة وهو يردّده على جارية له فوقفت حتى دار لي واستوى فأخذته منه؛ فدعا به الرشيد ورضي عنه، وأمر له بخمسة آلاف دينار.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  ألا ربّ ندمان عليّ دموعه ... تفيض على الخدّين سحّا سجومها

  حليم إذا ما الكأس دارت وهرّها⁣(⁣١) ... رجال لديها قد تخفّ حلومها

  الغناء لإبراهيم رمل بالسبّابة في مجرى البنصر عن إسحاق.

  قصته مع إبراهيم بن المهدي وابن جامع عند الرشيد:

  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى قال حدّثنا أبي عن طيّاب⁣(⁣٢) بن إبراهيم الموصليّ قال:

  كان إبراهيم بن المهديّ يقدّم ابن جامع ولا يفضّل عليه أحدا، فأخبرني إبراهيم بن المهديّ قال: كنا في مجلس الرشيد وقد / غلب النبيذ على ابن جامع، فغنّى صوتا فأخطأ في أقسامه؛ فالتفت إليّ إبراهيم فقال: قد خري⁣(⁣٣) قد خرى أستاذك فيه! وفهمت صدقه فيما قال؛ قال: فقلت له: انتبه أيها الشيخ وأعد الصوت، ففطن وأعاده وتحفّظ فيه وأصاب؛ فغضب إبراهيم وأقبل عليّ فقال:

  أعلَّمه الرّماية كلّ يوم ... فلمّا استدّ⁣(⁣٤) ساعده رماني

  وتنكَّر لي وحلف ألَّا يكلَّمني؛ فقلت للرشيد بعد أيام: إن لي حاجة؛ قال: وما هي؟ قلت: تأمر إبراهيم الموصليّ أن يرضى عنّي ويعود إلى ما كان عليه؛ فقال: / ومن إبراهيم حتى يطلب⁣(⁣٥) رضاه! فقلت:

  يا أمير المؤمنين، إن الذي أريده منه لا ينال إلا برضاه؛ فقال: قم إليه يا إبراهيم فقبّل رأسه؛ [فقام إليّ ليقبّل⁣(⁣٦) رأسي]، فلما أكبّ عليّ قال: تعود؟ قلت: لا؛ قال: قد رضيت عنك رضا صحيحا، وعاد إلى ما كان عليه.

  خرج مع الرشيد إلى الحيرة وغناه فأجازه:

  أخبرني أبو الحسن أحمد بن يحيى بن عليّ بن يحيى قال: سمعت جدّي عليّا يحدّث عن إسحاق قال:

  قال أبي: خرجت مع الرشيد إلى الحيرة، فساعة نزل بها دعا بالغداء فتغدّى ثم نام، فاغتنمت قائلته فذهبت


(١) هرّ فلان الكأس: كرهها.

(٢) كذا في أكثر الأصول هنا وفيما يأتي في جميع الأصول في أكثر من موضع. وفي ط، ء هنا: «طباب» بالباء الموحدة من تحت.

(٣) في ح: «قد خزى أستاذك فيه» بالزاي وبدون تكرار.

(٤) كذا في ط، ء، س وإحدى روايتي ح، وهي الرواية المشهورة. واستدّ: استقام. وفي سائر الأصول «اشتدّ» بالشين المعجمة. قال الأصمعيّ: اشتدّ بالشين المعجمة ليس بشيء. وقال ابن برّي: هذا البيت ينسب إلى معن بن أوس قاله في ابن أخت له. وقال ابن دريد: هو لمالك بن فهم الأزدي، وكان اسم ابنه سليمة، رماه بسهم فقتله فقال البيت. قال ابن برّي: ورأيته في شعر عقيل بن علقة يقوله في ابنه عميس حين رماه بسهم. وبعده.

فلا ظفرت يمينك حين ترمي ... وشلت منك حاملة البنان

(٥) في ح، م: «تطلب».

(٦) الزيادة عن م.