كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 127 - الجزء 5

  سئل ابنه إسحاق عن طعنه على أبيه في صوت له فأجاب:

  أخبرني جحظة قال أخبرني حمّاد بن إسحاق قال:

  قال رجل لأبي: أخبرني عنك، لم طعنت على أبيك في صنعته:

  قال لي فيها عتيق مقالا ... فجرت مما يقول الدموع

  قال: لأنه تعرّض لابن عائشة وله في هذا الشعر صنعة، وابن عائشة ممن لا يعارض فلم يقاربه، وعلى أن صنعة أبي من جيّد الغناء لو كان صنعها في غير هذا الشعر، ولكنها اقترنت / بصنعة ابن عائشة فلم تقاربها، فسقط عندي لذلك.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  قال لي فيها عتيق مقالا ... فجرت ممّا يقول الدموع

  قال لي ودّع سليمى ودعها ... فأجاب القلب لا أستطيع

  الشعر لعمر بن أبي ربيعة. والغناء لمعبد ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو، وقيل: إنه لابن عائشة. وفيه ثاني ثقيل ينسب إلى الهذليّ. وفيه خفيف ثقيل ينسب إلى ابن عائشة وإلى إبراهيم.

  قصته بالريّ مع جارية من تلميذاته:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال أخبرني عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني محمد⁣(⁣١) بن عبد اللَّه بن مالك قال حدّثني إسحاق عن أبيه قال:

  دخلت الرّيّ⁣(⁣٢) فكنت آلف فتيانا من أهل النّعم بها وهم لا يعرفونني، فطال ذلك عليّ إلى أن دعاني أحدهم ليلة إلى منزله فبتّ عنده، فأخرج جارية له ومدّ لها ستارة فتغنّت خلفها، فرأيتها صالحة الأداء كثيرة الرواية، فشوّقتني إلى العراق وذكَّرتني أيّامي بها، فدعوت بعود، فلما جيء به اندفعت فغنّيت صوتي في شعري:

  أنا بالرّيّ مقيم ... في قرى الرّيّ أهيم

  وقد كنت صنعت هذا اللحن قديما بالرّيّ؛ فخرجت الجارية من وراء السّتارة مبادرة إليّ، فأكبّت على رأسي وقالت: أستاذي واللَّه!؛ فقال لها مولاها: أيّ أستاذيك هذا؟ قالت: إبراهيم الموصليّ؛ فإذا هي إحدى الجواري اللَّاتي أخذن / عني وطال العهد بها؛ فأكرمني مولاها وبرّني وخلع عليّ، فأقمت مدّة بعد ذلك بالرّيّ وانتشر خبري بها، ثم كتب بحملي إلى والي البلد فأشخصت.


(١) كذا في ط، ء، هنا وفيما سيأتي في جميع الأصول في أكثر من موضع. وفي سائر الأصول هنا: «محمد بن عبد الملك» وهو تحريف.

(٢) الريّ: مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات، وهي محط الحاج على طريق السابلة، وقصبة بلاد الجبال، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا. (راجع «معجم ياقوت» في كلامه عليها).