كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 128 - الجزء 5

  أرسل وهو في الحبس شعرا لبعض إخوانه فلما وقف عليه المهدي رق له وأطلقه:

  أخبرني الحسن قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني أبو توبة صالح بن محمد قال حدّثني القطرانيّ عن محمد بن جبر عن يحيى المكَّيّ قال:

  كنّا يوما بين يدي المهديّ وقد حبس إبراهيم الموصليّ وضربه وأمر بأن يلبس جبّة صوف، وكان يخرج على تلك الحال فيطرح على الجواري؛ فكتب إلينا ذات يوم، ونحن مصطبحون وقد جادت⁣(⁣١) السماء بمطر صيّف⁣(⁣٢)، وبحضرتنا شيء من ورد مبكَّر:

  ألا من مبلغ قوما ... من اخواني وجيراني

  هنيئا لكم الشّرب ... على ورد وتهتان⁣(⁣٣)

  وأنّي مفرد وحدي ... بأشجاني وأحزاني

  فمن جفّ له جفن ... فجفناي يسيلان

  قال: فوقف المهديّ على رقعته وقرأها فرقّ له وأمر بطلبه في الوقت، ثم أطلقه بعد بأيّام.

  شغف بجارية عليّ اليماني وقال فيها شعرا:

  أخبرني الحسن قال حدّثنا هارون بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني ابن المكَّيّ عن أبيه قال:

  كانت لعليّ اليمانيّ جارية فهويها إبراهيم واستهيم بها زمانا، وقال فيها:

  صوت

  كنت حرّا فصرت عبد اليماني ... من هوى شادن هواه براني

  / وهو نصفان من قضيب ودعص⁣(⁣٤) ... زان صدر القضيب رمّانتان

  اللحن لإبراهيم في هذين البيتين ثاني ثقيل بالبنصر عن عمرو. وقد زعم قوم أن الشعر للحسين⁣(⁣٥) بن الضّحاك.

  نصح ابنه إسحاق بعض آل نهيك في الغناء فلامه فلما عرف هو أدب النهيكي عنى به:

  أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة عن إسحاق قال:

  كان بعض أهل نهيك⁣(⁣٦) قد تعاطى الغناء، فلمّا ظنّ أنه قد أحكمه شاورني وأبي حاضر، فقلت له: إن قبلت


(١) في الأصول: «جاءت».

(٢) الصيف (بتشديد الياء): المطر الذي يجيء في الصيف، واحده صيفة (بتشديد الياء)، يقال: أصابتنا صيفة غزيرة أي مطرة غزيرة في الصيف.

(٣) هتنت السماء (من باب ضرب) هتنا وهتونا وهتنانا وتهتانا: انصبت.

(٤) الدعص (بالكسر): كثيب الرمل.

(٥) كذا في ط، ء. وقد أورد له أبو الفرج ترجمة في (ج ٦ ص ١٧٠ طبع بولاق). وفي سائر الأصول: «للحسن»، وهو تحريف.

(٦) لعله من أسرة عثمان بن نهيك أحد قوّاد المنصور والذي كلفه المنصور قتل أبي مسلم الخراساني حين يدخل عليه.