8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره
  سنّورتان(١) قد نزلتا من درجة السّرداب، بيضاء وسوداء، فقالت إحداهما: أتراه نائما(٢)؟ فقالت السوداء: هو نائم؛ فاندفعت السوداء فغنّت بأحسن صوت:
  عفا مزج(٣) إلى لصق(٤) ... إلى الهضبات من هكر(٥)
  إلى قاع النّقير(٦) إلى ... قرار حلال(٧) ذي حدر(٨)
  قال: فمات إبراهيم فرحا وقال: يا ليتهما أعاداه! فأعاداه مرارا حتى أخذه، ثم تحرّك فقامت السّنّورتان، وسمع إحداهما تقول للأخرى: واللَّه لا طرحه على أحد إلا جنّ، فطرحه من غد على جارية له فجنّت.
  نسبة هذا الصوت
  الغناء فيه لمالك ثقيل أوّل بالوسطى عن يحيى المكَّي وعمرو بن بانة.
  طلب من الفضل بن يحيى مالا فحصل له عليه ممن قضى حوائجهم:
  أخبرني الحسن بن عليّ وعمّي قالا حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن مالك قال حدّثني أبو محمد إسحاق بن إبراهيم عن أبيه قال:
  / أتيت الفضل بن يحيى يوما، فقلت له: يا أبا العبّاس، جعلت فداك! هب لي دراهم فإنّ الخليفة قد حبس يده؛ فقال: ويحك يا أبا إسحاق! ما عندي مال أرضاه لك، ثم قال: هاه! إلَّا أن هاهنا خصلة(٩) أتانا رسول صاحب اليمن فقضينا حوائجه، ووجّه إلينا بخمسين ألف دينار يشتري لنا بها محبّتنا؛ فما فعلت ضياء جاريتك؟
  قلت: عندي، جعلت فداك!؛ قال: فهو ذا، أقول لهم يشترونها منك فلا تنقصها من خمسين ألف دينار؛ فقبلَّت رأسه ثم انصرفت؛ فبكَّر عليّ رسول صاحب اليمن ومعه صديق لي، فقال: جاريتك فلانة عندك؟ فقلت: عندي؛ فقال: اعرضها عليّ، فأخرجتها؛ قال: بكم؟ قلت: بخمسين ألف دينار ولا أنقص منها دينارا واحدا، وقد أعطاني بها الفضل بن يحيى أمس هذه العطيّة؛ فقال لي: أريدها له؛ فقلت له: أنت أعلم، إذا اشتريتها فصيّرها لمن شئت؛
(١) السنورة: الهرّة.
(٢) كذا في أكثر الأصول. وفي ب، س: «نرى نائما».
(٣) كذا في أكثر الأصول. ومزج (بالضم ثم السكون): ماء بينه وبين المدينة ثلاثون فرسخا أو نحوها. وفي ب، ح. س: «مزح» (بالحاء المهملة)، وهو تصحيف.
(٤) كذا في جميع الأصول، ولم نعثر على هذا الاسم في المرجع التي بين أيدينا. ولعله مصحف عن «لصف» (بالفاء)، وهو بركة غربيّ طريق مكة بين المغيثة والعقبة على ثلاثة أميال من صبيب غربيّ واقصة. (راجع «معجم البلدان» لياقوت و «القاموس» و «شرحه» في «لصف»).
(٥) هكر (بفتح أوّله وكسر ثانيه وراء مهملة): موضع على نحو أربعين ميلا من المدينة.
(٦) كذا في ط، ء. والنقير (بفتح أوله وكسر ثانيه): موضع بين هجر والبصرة. وفي سائر الأصول: «البقير» بالباء الموحدة، ولم نعثر عليه في المراجع التي بين أيدينا.
(٧) حلال (بكسر الحاء وتخفيف اللام): من نواحي اليمن.
(٨) كذا في ط، ء. والحدر (بالدال المهملة): ما انحدر من الأرض وهو الصبب. وفي سائر الأصول: «ذي حذر» بالذال المعجمة، وهو تصحيف.
(٩) كذا في الأصول، وظاهر سياق الكلام يقتضي أن يكون المراد مخرجا أو فرصة ونحو ذلك. فلعل كلمة «خصلة» محرّفة عما يؤدّي هذا المعنى.