كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 130 - الجزء 5

  سلي هل قلاني من عشير صحبته ... وهل ذمّ رحلي في الرّفاق رفيق

  فطرب واستعاده وأمر له بعشرين ألف درهم، فلما كان بعد سنين⁣(⁣١)، خطر ببالي ذلك الصوت وذكرت قصّته، فغنّيته إياه؛ فطرب وشرب، ثم قال لي: يا إسحاق، كأني في نفسك ذكرت حديث أبيك وأنّي أعطيته ألف دينار على هذا الصوت فطمعت في الجائزة!؛ فضحكت ثم قلت: واللَّه يا سيّدي ما أخطأت؛ فقال: قد أخذ ثمنه أبوك مرّة فلا تطمع؛ فعجبت من قوله، ثم قلت: يا سيّدي، قد أخذ أبي منك أكثر من مائتي⁣(⁣٢) ألف دينار ما رأيتك ذكرت منها غير هذا الألف على بختي⁣(⁣٣) أنا؛ فقال: ويحك! أكثر من مائتي⁣(⁣٢) ألف دينار؟! قلت: إي واللَّه!؛ فوجم وقال:

  أستغفر اللَّه من ذلك، ويحك! فما الذي خلَّف منها؟ قلت: خلَّف / عليّ ديونا مبلغها خمسة آلاف دينار قضيتها عنه؛ فقال: ما أدري أيّنا أشدّ تضييعا! واللَّه المستعان.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  سلي هل قلاني من عشير صحبته ... وهل ذمّ رحلي في الرّفاق رفيق

  وهل يحتوي القوم الكرام صحابتي ... إذا اغبرّ مخشيّ الفجاج عميق⁣(⁣٤)

  ولو تعلمين الغيب أيقنت أنّني ... لكم والهدايا المشعرات⁣(⁣٥) صديق

  الشعر ينسب إلى مضرّس بن قرط⁣(⁣٦) الهلاليّ وإلى قيس بن ذريح، وفيه بيت يقال: إنه لجرير. والغناء مختلط في أشعار الثلاثة المذكورين، ونسبته تأتي في أخبار قيس بن ذريح، إلا أن الغناء في هذه الثلاثة الأبيات لمعبد ثقيل أوّل بالخنصر في⁣(⁣٧) مجرى البنصر عن إسحاق.

  رأى وهو في سرداب له سنورتين تغنيان فحفظ الصوت:

  أخبرني عمّي قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثتني نشوة الأشنانية⁣(⁣٨) قالت أخبرني أبو عثمان يحيى المكيّ قال:

  تشوّق يوما إبراهيم الموصليّ إلى سرداب له، وكانت فيه بركة ماء تدخل من موضع إليه وتخرج إلى بستان، فقال: أشتهي أن أشرب يومي وأبيت ليلتي في هذا / السرداب ففعل ذلك، فبينا هو نائم في نصف الليل فإذا


(١) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «سنتين».

(٢) في م: «مائة ألف دينار».

(٣) قال صاحب «المصباح»: البخت: الحظ وزنا ومعنى وهو أعجميّ ومن هنا توقف بعضهم في كون البخت التي هي أصل البخاتي (أي الإبل) عربية. وفي «الصحاح» و «القاموس» و «شرحه»: أنه معرّب أو مولد. وفي «شفاء الغليل» و «اللسان»: أن العرب تكلمت به. وقال الأزهريّ: لا أدري أعربيّ هو أم لا.

(٤) كذا في ط، ء، وهو الموافق لما جاء في «الأمالي» (ج ٢ ص ٢٥٧ طبع دار الكتب المصرية). وفي سائر الأصول: «مخشيّ العجاج سحيق».

(٥) الهدايا: ما يهدي إلى البيت الحرام من النعم لتنحر. والمشعرات: المعلمات بعلامة يعرف بها أنها هدى.

(٦) كذا في ط، ء و «الأمالي». وفي سائر الأصول: «قرظة» وهو تحريف.

(٧) كذا في ط، ء، م. وفي سائر الأصول: «ثقيل أول بالخنصر ومجرى البنصر».

(٨) في ط، ء: «نشو الأشناسية».