8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره
  أجله(١) يقوم مقام تعليمك إياها، فقد واللَّه سررتني وسأسرّك، فلمّا انصرفت أتبعني بخمسين ألف درهم.
  قصته مع فتاة شاعرة بحضرة الرشيد:
  حدّثني عمي وابن المرزبان قالا حدّثنا ابن أبي سعد قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه السّلميّ قال حدّثني عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق، ولم يقل عن أبيه، قال:
  واللَّه إني لفي منزلي ذات يوم وأنا مفكَّر في الرّكوب مرّة وفي القعود مرّة، إذا غلامي قد دخل ومعه خادم الرشيد يأمرني بالحضور من وقتي، فركبت وصرت إليه؛ فقال لي: اجلس يا إبراهيم حتى أريك عجبا، فجلست؛ فقالت: عليّ بالأعرابية وابنتها؛ فأخرجت إليّ أعرابيّة ومعها بنيّة لها عشر أو أرجح؛ فقال: يا إبراهيم، إن هذه الصّبيّة تقول الشعر؛ فقلت لأمّها: ما يقول أمير المؤمنين؟ فقالت: هي هذه قدّامك فسلها؛ فقلت: يا حبيبة، أتقولين الشعر؟ فقالت نعم؛ فقلت: أنشديني بعض ما قلت؛ فأنشدتني:
  صوت
  تقول لأتراب لها وهي تمتري(٢) ... دموعا على الخدّين من شدّة الوجد
  أكلّ فتاة لا محالة نازل ... بها مثل ما بي أم بليت به وحدي
  براني له حبّ تنشّب في الحشى ... فلم يبق من جسمي سوى العظم والجلد
  وجدت الهوى حلوا لذيذا بديئه(٣) ... وآخره مرّ لصاحبه مردي
  قال الشّبّيّ(٤) في خبره: قال إسحاق: وكان أبي حاضرا، فقال: واللَّه لا تبرح يا أمير المؤمنين أو نصنع في هذه الأبيات لحنا؛ فصغت فيها أنا وأبي وجميع من حضر. وقال الآخرون: قال إبراهيم: فما برحت حتى صنعت فيه لحنا وتغنّيت به وهي حاضرة تسمع. قال ابن المرزبان في خبره، ولم يذكره عمّي، فقالت: يا أمير المؤمنين، قد أحسن رواية ما قلت، أفتأذن لي أن أكافئه بمدح أقوله فيه؟ قال: افعلي؛ فقالت:
  صوت
  ما لإبراهيم في العل ... م بهذا الشأن ثاني
  إنما عمر أبي إس ... حاق زين للزمان
  منه يجنى ثمر اللَّه ... ووريحان الجنان
  جنّة الدنيا أبو إس ... حاق في كلّ مكان
  قال: فأمر لها الرشيد بجائزة، وأمر لي بعشرة آلاف درهم، فوهبت لها شطرها.
(١) كذا في أ، م. وفي سائر الأصول: «من أجلك».
(٢) تمتري دموعا: تستدرّها وتستخرجها.
(٣) في الأصول: «بدينه» وهو تحريف.
(٤) الشبي: هو أبو زيد عمر بن شبة، منسوب إلى والده شبة، وعمر بن شبة هو الذي تقدم في الخبر. وفي الأصول: «الشعبي»، وهو تحريف.