3 - أخبار دحمان ونسبه
  أنّ دحمان كان معدّلا مقبول الشهادة عند القضاة بالمدينة، وكان أبو سعيد مولى فائد أيضا ممن تقبل شهادته.
  وكان دحمان من رواة معبد وغلمانه المتقدّمين. قال: وكان معبد في أول أمره مقبول الشهادة، فلما حضر الوليد بن يزيد وعاشره على تلك الهنات وغنّى له سقطت عدالته، [لا لأن شيئا بان عليه من دخول في محظور، ولكن](١) لأنه اجتمع مع الوليد على ما كان يستعمله.
  منزلته في الغناء عند إبراهيم الموصلي:
  أخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى قال حدّثنا أبو أيّوب المدينيّ قال قال إسحاق:
  كان دحمان يكنى أبا عمرو، مولى بني ليث، واسمه عبد الرحمن، وكان يخضب رأسه ولحيته بالحنّاء؛ وهو من غلمان معبد. قال إسحاق: وكان أبي لا يضعه بحيث يضعه الناس، ويقول: لو كان عبدا ما اشتريته على / الغناء بأربعمائة درهم. وأشبه الناس به في الغناء ابنه عبد اللَّه، وكان يفضّل الزّبير ابنه(٢) تفضيلا شديدا على عبد اللَّه أخيه وعلى دحمان [أبيه](٣).
  كان المهدي يجزل صلته:
  أخبرني يحيى عن أبي أيّوب عن أحمد بن المكَّيّ عن عبد اللَّه بن دحمان قال:
  رجع أبي من عند المهديّ وفي حاصله مائة ألف دينار.
  / أخبرنا إسماعيل بن يونس وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال:
  بلغني أنّ المهديّ أعطى دحمان في ليلة واحدة خمسين ألف دينار؛ وذلك أنه غنّى في شعر الأحوص:
  قطوف المشي إذ تمشي ... ترى في مشيها خرقا(٤)
  فأعجبه وطرب، واستخفّه السرور حتى قال لدحمان: سلني ما شئت؛ فقال: ضيعتان بالمدينة يقال لهما ريّان وغالب؛ فأقطعه إيّاهما. فلما خرج التوقيع بذلك إلى أبي عبيد اللَّه(٥) وعمر بن بزيع راجعا المهديّ فيه وقالا: إنّ هاتين ضيعتان لم يملكهما قطَّ إلَّا خليفة، وقد استقطعهما ولاة العهود في أيام بني أمية فلم يقطعوهما؛ فقال: واللَّه لا أرجع فيهما إلا بعد أن يرضى؛ فصولح عنهما على خمسين ألف دينار.
  نسبة هذا الصوت
  سرى ذا الهمّ بل طرقا ... فبتّ مسهّدا قلقا
  كذاك الحبّ مما يح ... دث التسهيد والأرقا
(١) هذه العبارة المحصورة بين قوسين زيادة عن ب، س.
(٢) في ب، س: «وكان يفضل الزبير ابنه عبد اللَّه تفضيلا ... إلخ»، وهو تحريف.
(٣) هذه الكلمة ساقطة في ب، س.
(٤) قطوف المشي: بطيئته. وخرقا: تحيرا ودهشا. يريد أنها حيية خفرة حتى لترى آثار التحير والدهش بادية عليها إذا مشت. وفي «اللسان»: «وفي حديث تزويج فاطمة رضوان اللَّه عليها: فلما أصبح دعاها فجاءت خرقة من الحياء، أي خجلة مدهوشة؛ من الخرق وهو التحير. روى أنها أتته تعثر في مرطها من الخجل».
(٥) كذا في ح. وهو أبو عبيد اللَّه معاوية بن عبيد اللَّه الأشعري الكاتب الوزير. وفي سائر الأصول: «إلى أبي عبد اللَّه»، وهو تحريف.
(راجع الطبري وابن الأثير في غير موضع).