5 - أخبار أحمد النصبي ونسبه
  وهو من الثقيل الثاني، والشعر للعديل بن الفرخ(١)، وقد ذكرت ذلك في أخباره(٢).
  ومنها:
  يا أيها القلب المطيع الهوى ... أنّى اعتراك الطَّرب النازح
  وهو أيضا من الثقيل الثاني، وأصوات(٣) كثيرة نادرة تدل على تقدمه.
  وأما ما وصفه من بخله وقرضه للناس بالرّبا وموته من فالوذجة حارة أكلها، فلا أدري من من الكوفيين حدّثه بهذا الحديث، ليس يخلو من أن يكون كاذبا، أو نحل هو هذه الحكاية ووضعها هنا، لأن أحمد النّصبي خرج مع أعشى همدان وكان قرابته وإلفه في عسكر ابن الأشعث، فقتل فيمن قتل. روى ذلك الثّقات من أهل الكوفة والعلم بأخبار الناس، وذلك يذكر في جملة أخباره.
  اتصاله بأعشى همدان وغناؤه بشعره في سليم بن صالح إذ نزلا عليه:
  أخبرنا محمد بن مزيد بن أبي الأزهر والحسين بن يحيى قالا حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه، وذكره العنزي في أخبار أعشى همدان المذكورة عنه عن رجاله المسمّين قال:
  كان أحمد النّصبي مواخيا لأعشى همدان مواصلا له، فأكثر غنائه في أشعاره مثل صنعته في شعره:
  حيّيا خولة منّي بالسلام
  و لمن الظَّعائن سيرهن ترجّف
  و يا أيها القلب المطيع الهوى
  وهذه الأصوات قلائد صنعته وغرر أغانيه. قال: وكان سبب قوله الشعر في سليم بن صالح بن سعد بن جابر العنبريّ - وكان منزل سليم ساباط(٤) المدائن - أن أعشى همّدان وأحمد النّصبيّ خرجا في بعض مغازيهما، فنزلا على سليم فأحسن قراهما وأمر لدوابّهما بعلوفة(٥) وقضيم(٦)، وأقسم عليهما أن ينتقلا إلى منزله ففعلا، فعرض عليهما الشراب فأنعما به وطلباه فوضعه بين أيديهما وجلسا يشربان؛ فقال أحمد النّصبي للأعشى: قل في هذا الرجل الكريم شعرا تمدحه به حتى أغنّي فيه؛ فقال الأعشى يمدحه:
(١) كذا في ح و «الشعر والشعراء» (ص ٢٤٤) و «خزانة الأدب» (ح ٢ ص ٣٦٨)، وهو العديل بن الفرخ (بضم الفاء وسكون الراء وخاء معجمة) شاعر إسلامي في الدولة المروانية، ولقبه: العباب (بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة الأولى)، والعباب: اسم كلبه. وفي سائر الأصول: «للعديل بن الفرج» (بالجيم) وهو تصحيف.
(٢) تقع أخباره في (ح ٢٠ ص ١١ - ١٩ طبع بولاق).
(٣) في م، س: «وذكرت أصوات ... إلخ».
(٤) ساباط: موضع بالمدائن لكسرى أبرويز، وهو معرب: «بلاس أباد»، وبلاس: اسم رجل. وقد ذكره الأعشى في شعر له - يذكر النعمان بن المنذر وكان أبرويز قد حبسه بساباط ثم ألقاه تحت أرجل الفيلة - منه:
فذاك وما أنجى من الموت ربه ... بساباط حتى مات وهو محرزق
(الحرزقة: التضييق).
(٥) العلوفة (بالضم كما في «شرح القاموس»): جمع علف، وهو ما تطعمه الدواب.
(٦) كذا في ح. والقضيم: شعير الدابة. وفي سائر الأصول: «قضم». والقضم (بضمتين) جمع قضيم بمعنى الأديم، واسم الجمع:
«قضم» (بفتحتين) عند سيبويه وقيل هو جمع أيضا، ولم تنص كتب اللغة على جمع للقضيم بمعنى الشعير.