كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

11 - أخبار سياط ونسبه

صفحة 395 - الجزء 6

  الأستاذ والسيّد. قال: قد غنّيت لنفسي ستين صوتا فأحبّ ألَّا تغيّروها ولا تنتحلوها. فقال له أبي: أفعل ذلك يا أبا وهب، ولكن أيّ ذلك كرهت: أن يكون في غنائك فضل فأقصّر عنه فيعرف فضلك عليّ فيه، أو أن يكون فيه نقص فأحسنه فينسب إحساني إليك ويأخذه الناس عني لك؟ [قال]⁣(⁣١): لقد استعفيت من غير مكروه. قال الخزاعيّ / في خبره: ثم قال لي إسحاق: كان سياط خزاعيّا، وكان له زامر يقال له حبال، وضارب يقال له عقاب. قال حماد قال أبي: أدركت أربعة كانوا أحسن الناس غناء، سياط أحدهم. قال: وكان موته في أوّل أيام موسى الهادي.

  زاره ابن جامع في مرض موته فأوصاه بالمحافظة على غنائه:

  أخبرني يحيى قال حدّثنا أبو أيوب عن مصعب قال:

  دخل ابن جامع على سياط وقد نزل به الموت؛ فقال له: ألك حاجة؟ فقال: نعم، لا تزد في غنائي شيئا ولا تنقص منه، دعه رأسا برأس، فإنما هو ثمانية عشر صوتا.

  دعاه إخوان له فمات عندهم فجأة:

  أخبرنا محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد قال حدّثني محمد بن حديد أخو النّضر بن حديد:

  أن إخوانا لسياط دعوه، فأقام عندهم وبات⁣(⁣٢)، فأصبحوا فوجدوه ميّتا في منزلهم، فجاؤوا إلى أمّه وقالوا:

  يا هذه، إنّا دعونا ابنك لنكرمه ونسرّ به ونأنس بقربه فمات فجأة، وها نحن بين يديك فاحتكمي ما شئت؛ ونشدناك اللَّه ألَّا تعرّضينا للسلطان أو تدّعي فيه علينا ما لم نفعله. فقالت: ما كنت لأفعل، وقد صدقتم، وهكذا مات أبوه فجأة. قال: فجاءت معنا فحملته إلى منزلها فأصلحت أمره ودفنته. وقد ذكرت هذه القصة بعينها في وفاة نبيه المغنّي، وخبره في ذلك يذكر مع أخباره إن شاء اللَّه تعالى.

  غنى أحمد بن المكي إبراهيم بن المهدي صوتا له فاستحسنه:

  أخبرنا يحيى بن عليّ وعيسى بن الحسين الزيات⁣(⁣٣) - واللفظ له - قالا حدّثنا أبو أيوب قال حدّثنا أحمد بن المكَّيّ قال:

  / «غنّيت إبراهيم بن المهديّ لسياط:

  ضاف قلبي الهوى فأكثر سهوي

  فاستحسنه جدّا، وقال لي: ممن أخذته؟ قلت: من جارية أبيك قرشيّة الزّبّاء؛ فقال: أشعرت أنه / كان لأبي ثلاث جوار محسنات كلَّهن تسمّى قرشيّة، منهن قرشيّة الزباء وقرشية السوداء وقرشية البيضاء، وكانت الزباء أحسنهن غناء - يعني التي أخذت منها هذا الصوت - قال: وكنت أسمعها كثيرا تقول: قد سمعت المغنّين وأخذت عنهم وتفقّدت أغانيهم، فما رأيت فيهم مثل سياط قطَّ. هذه الحكاية من رواية عيسى بن الحسين خاصّة.


(١) زيادة عن ح.

(٢) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «ومات».

(٣) كذا في أكثر الأصول. وفي ح: «عيسى بن الحسين» (بسقوط كلمة: الزيات). ولم نجد في المراجع التي بين أيدينا ولا فيما تقدّم من «الأغاني» شيخا روى عنه أبو الفرج اسمه: «عيسى بن الحسين الزيات». ولكن الذي سبقت رواية أبي الفرج عنه في أكثر من موضع هو: «عيسى بن الحسين الورّاق».