15 - أخبار يحيى المكي ونسبه
  حتى سكر، وأمر لإبراهيم بعشرة آلاف درهم وعشرة خواتيم وعشر خلع؛ فحمل ذلك كلَّه، وانصرف من وجهه ذلك إلى يحيى فقاسمه ومضى إلى منزله. وانصرف ابن جامع إليه من دار الرشيد، وكان يحيى في بقايا علَّة فاحتجب عنه؛ فدفع ابن جامع في صدر بوّابه ودخل إليه، فقال له: إيه يا يحيى، كيف صنعت! / ألقيت الصوت على الجرمقانيّ(١) لا رفع اللَّه صرعتك ولا وهب لك العافية. وتشاتما ساعة، ثم خرج ابن جامع من عنده وهو مدوّخ.
  مدحه إسحاق الموصلي في جمع من المغنين عند الفضل بن الربيع:
  حدّثني عمّي قال حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني محمد بن أحمد بن يحيى المكي عن أبيه قال قال لي إسحاق:
  كنت أنا وأبوك وابن جامع وفليح بن أبي العوراء وزبير بن دحمان يوما عند الفضل بن الربيع؛ فانبرى زبير بن دحمان لأبيك(٢) (يعني يحيى)، فجعلا يغنيّان ويباري كلّ واحد منهما صاحبه، وذلك يعجب الفضل، وكان يتعصّب لأبيك ويعجب به. فلما طال الأمر بينهما قال له الزبير: أنت تنتحل غناء الناس وتدّعيه وتنحلهم ما ليس لهم. فأقبل الفضل عليّ وقال: احكم أيها الحاكم بينهما، فلم يخف عليك ما هما فيه؛ فقلت: لئن كان ما يرويه يحيى ويغنّيه شيئا لغيره فلقد روى ما لم يرووه وما لم نروه، وعلم ما جهلناه وجهلوه، ولئن كان من صنعته إنه لأحسن الناس صنعة، وما أعرف أحدا أروى منه ولا أصحّ أداء للغناء، كان ما يغنّيه له أو لغيره. فسرّ بذلك الفضل وأعجبه. وما زال أبوك يشكره لي.
  صوت من المائة المختارة
  أهاجتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الزّيّ الجميل من الأثاث
  ظعائن أسلكت نقب المنقّى(٣) ... تحثّ إذا ونت أيّ احتثاث
  الشعر للنّميري. والغناء للغريض، ولحنه المختار ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر.
(١) الجرمقاني: واحد الجرامقة، وهم قوم من العجم صاروا بالموصل في أوائل الإسلام.
(٢) في أ، ء، م: «لأبيك يحيى».
(٣) في «معجم البلدان» لياقوت (مادة نقب): ... ونقب المنقى بين مكة والطائف في شعر محمد بن عبد اللَّه النميري ...» وذكر الأبيات. وفي كلامه على المنقى: «والمنقى بين أحد والمدينة». وفي «معجم ما استعجم»: «المنقى بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد القاف موضع على سيف البحر مما يلي المدينة». وذكر المبرد أبيات النميري في «الكامل» (ج ١ ص ٣٧٦) ثم قال: «المنقى:
موضع بعينه. والنقب: الطريق في الجبل ... إلخ.