كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

15 - أخبار يحيى المكي ونسبه

صفحة 416 - الجزء 6

  ولحنه خفيف ثقيل أيضا.

  قال: ومنها:

  صوت

  ألا مرحبا بخيال ألمّ ... وإن هاج للقلب طول الألم

  خيال لأسماء يعتادني ... إذا الليل مدّ رواق الظَّلم

  ولحنه ثقيل أول.

  قال: ومنها:

  صوت

  كم ليلة ظلماء فيك سريتها ... أتعبت فيها صحبتي وركابي

  لا يبصر الكلب السّروق خباءها ... ومواضع الأوتاد والأطناب⁣(⁣١)

  لحنه ثاني ثقيل بالوسطى. وفيه خفيف ثقيل بالوسطى للغريض. قال ابن المكيّ: غنّى أبي الرشيد ليلة هذا الصوت فأطربه، ثم قال له: قم يا يحيى فخذ ما في ذلك البيت؛ فظنّه فرشا أو ثيابا، فإذا فيه أكياس فيها عين وورق؛ فحملت بين يديه فكانت خمسين ألف درهم مع قيمة العين.

  / قال: ومنها:

  صوت

  إني امرؤ مالي يقي عرضي

  ويبيت جاري آمنا جهلي ... وأرى الذّمامة⁣(⁣٢) للرّفيق إذا

  ألقى رحالته⁣(⁣٣) إلى⁣(⁣٤) رحلي

  ولحنه خفيف ثقيل. قال ابن المكي غنّى ابن جامع الرشيد يوما البيت الأول من هذين البيتين ولم يزد عليه شيئا؛ فأعجب به الرشيد واستردّه مرارا، وأسكت لابن جامع المغنّين جميعا، وجعل يسمعه ويشرب عليه، ثم أمر له بعشرة آلاف درهم وعشرة خواتيم وعشر خلع، / وانصرف. فمضى إبراهيم من وجهه إلى يحيى المكيّ فأستأذن عليه، فأذن له، فأخبره بالذي كان من أمر ابن جامع واستغاث به. فقال له يحيى: أفزاد على البيت الأول شيئا؟ قال لا؛ قال أفرأيت إن زدتك بيتا ثانيا لم يعرفه إسماعيل أو عرفه ثم أنسيه، وطرحته عليك حتى تأخذه ما تجعل لي؟

  قال: النصف مما يصل إليّ بهذا السبب؛ قال: واللَّه؟! فأخذ بذلك عليه عهدا وشرطا واستحلفه عليه أيمانا مؤكَّدة؛ ثم زاده البيت الثاني وألقاه عليه حتى أخذه وانصرف. فلما حضر المغنّون من غد ودعي به كان أوّل صوت غنّاه إبراهيم هذا الصوت، وجاء بالبيت الثاني وتحفّظ فيه فأصاب وأحسن كلّ الإحسان، وشرب عليه الرشيد واستعاده


(١) الأطناب: حبال طوال يشد بها سرادق البيت، واحدها طنب.

(٢) الذمامة: (بالفتح والكسر): الحرمة والحق.

(٣) الرحالة والرحل: مركب للبعير، وهما أيضا: منزل الرجل ومسكنه وبيته.

(٤) في ح: «على».