كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

16 - أخبار النميري ونسبه

صفحة 419 - الجزء 6

  عن عمر بن شبّة - ولم يذكرا⁣(⁣١) فيه يعقوب بن داود - قالوا جميعا:

  قال مسلم بن جندب الهذليّ - وكان قاضي الجماعة بالمدينة -: إني لمع محمد بن عبد اللَّه بن نمير بنعمان⁣(⁣٢) وغلام يسير خلفه يشتمه أقبح الشتيمة؛ فقلت: من هذا؟ فقال: هذا الحجاج بن يوسف، دعه⁣(⁣٣) فإني ذكرت أخته في شعري، فأحفظه ذلك.

  قال عمر بن شبة في خبره: وولدت الفارعة أمّ الحجّاج من المغيرة بن شعبة بنتا فماتت؛ فنازع الحجاج عروة بن المغيرة إلى ابن زياد في ميراثها؛ فأغلظ الحجاج لعروة، فأمر به ابن زياد فضرب أسواطا على رأسه وقال:

  لأبي عبد اللَّه تقول هذه المقالة! / وكان الحجاج حاقدا على آل زياد ينفيهم من آل أبي سفيان ويقول: آل أبي سفيان ستة حمش⁣(⁣٤)، وآل زياد رسح حدل⁣(⁣٥).

  وكان يوسف بن الحكم اعتلّ علَّة فطالت عليه؛ فنذرت زينب إن عوفي أن تمشي إلى البيت⁣(⁣٦)، فعوفي فخرجت في نسوة فقطعن بطن وجّ⁣(⁣٧)، وهو ثلاثمائة ذراع، في يوم جعلته مرحلة لثقل بدنها، ولم تقطع ما بين مكة والطائف إلا في شهر. فبينا هي تسير [إذ]⁣(⁣٨) لقيها إبراهيم بن عبد اللَّه النّميريّ أخو محمد بن عبد اللَّه منصرفا من العمرة. فلما قدم الطائف أتى محمدا⁣(⁣٩) يسلَّم عليه؛ فقال له: ألك علم بزينب؟ قال: نعم، لقيتها بالهماء⁣(⁣١٠) في بطن نعمان؛ فقال: ما أحسبك إلا وقد قلت شيئا؛ قال: نعم، قلت بيتا واحدا وتناسيته كراهة أن ينشب بيننا وبين إخوتنا شرّ. فقال محمد هذه القصيدة وهي أول ما قاله:

  صوت

  تضوّع⁣(⁣١١) مسكا بطن نعمان إذ⁣(⁣١٢) مشت ... به زينب في نسوة عطرات

  فأصبح ما بين الهماء فحزوة⁣(⁣١٣) ... إلى الماء ماء الجزع ذي العشرات⁣(⁣١٤)


(١) كذا في أ، ء، م. وفي سائر الأصول: ... يذكروا ... إلخ» وهو تحريف.

(٢) نعمان (بفتح أوله وسكون ثانيه): هو نعمان الأراك؛ واد بينه وبين مكة نصف ليلة.

(٣) في ب، س، ح: «قلت دعه» ولا تستقيم العبارة بهذه الزيادة.

(٤) سته: عظام الأستاه. وحمش: دقاق السوق.

(٥) رسح: جمع أرسح، وهو قليل لحم العجز والفخذين. والحدل: جمع أحدل، وهو الذي أشرف أحد عاتقيه على الآخر.

(٦) المراد به الكعبة.

(٧) وج: اسم واد بالطائف وهو ما بين جبلي المحترق والأحيحين (بالتصغير).

(٨) زيادة عن ح.

(٩) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «محمد» بالرفع.

(١٠) الهماء: موضع بنعمان بين الطائف ومكة.

(١١) وردت هذه القصيدة كاملة وباختلاف كثير ضمن قصائد مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم (١٨٤٥ أدب).

(١٢) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول و «تجريد الأغاني» و «الكامل» (ص ٢٨٩): «أن».

(١٣) كذا في جميع الأصول. وفي «تجريد الأغاني»: «وجذوة» ولم نعثر في المراجع التي بين أيدينا على مكان تسمى بأحد هذين الاسمين. وقد أورد ياقوت في كلامه على الهماء هذا البيت برواية أخرى وهي:

فأصبح ما بين الهماء فصاعدا ... إلى الجزع جزع الماء ذي العشرات

(في «المعجم»: «فأصبحن»). ورواية هذا البيت في المجموعة المخطوطة:

فأصبح بطنان الهواء فجوزه ... إلى الجزع جزع الماء ذي العشرات

(١٤) العشرات: جمع عشر (بضم ففتح). وهو من كبار الشجر وله صمغ حلو، وهو عريض الورق ينبت صعدا في السماء، وله سكر