22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه
  هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات عن / حماد عن أبيه عن بعض أصحابه عن عون حاجب(١) معن بن زائدة قال: رأيت أمّ ابن جامع وابن جامع معها عند معن بن زائدة وهو ضعيف يتبعها ويطأ ذيلها وكانت من قريش، ومعن يومئذ على اليمن. فقالت: أصلح اللَّه الأمير، إنّ عمّي زوّجني زوجا ليس بكفء ففرّق بيني وبينه. قال: من هو؟
  قالت: ابن ذي مناجب. قال: عليّ به. قال: فدخل أقبح من خلق اللَّه وأشوهه خلقا. قال: من هذه منك؟ قال:
  امرأتي. قال: خلّ سبيلها، ففعل. فأطرق معن ساعة ثم رفع رأسه فقال:
  لعمري لقد أصبحت غير محبّب ... ولا حسن في عينها ذا مناجب
  فما لمتها لمّا تبيّنت وجهه ... وعينا له حوصاء من تحت حاجب
  وأنفا كأنف البكر يقطر دائبا ... على لحيّة عصلاء(٢) شابت وشارب
  أتيت بها مثل المهاة تسوقها(٣) ... فيا حسن مجلوب ويا قبح جالب
  وأمر لها بمائتي دينار وقال لها: تجهزي بها إلى بلادك.
  سأله الرشيد عن نسبه فأحاله على إسحاق الموصلي:
  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى قال أخبرني حمّاد عن أبيه:
  أن الرشيد سأل ابن جامع يوما عن نسبه وقال له: أيّ بني الإنس ولدك يا إسماعيل؟ قال: لا أدري، ولكن سل ابن أخي (يعني إسحاق) - وكان يماظَّ(٤) / إبراهيم الموصليّ ويميل إلى ابنه إسحاق - قال إسحاق: ثم التفت إليّ ابن جامع فقال: أخبره يا بن أخي بنسب عمك. فقال له الرشيد: قبّحك اللَّه شيخا من قريش! تجهل نسبك حتى يخبرك به غيرك وهو رجل من العجم!.
  شيء من ورعه وتقواه:
  قال هارون حدّثني عبد اللَّه بن عمرو قال حدّثني أبو هشام(٥) محمد بن عبد الملك المخزوميّ قال أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن أبي فروة بن أبي قراد المخزوميّ قال:
  كان ابن جامع من أحفظ خلق اللَّه لكتاب اللَّه وأعلمه بما يحتاج إليه، كان يخرج من منزله مع الفجر يوم الجمعة فيصلَّي الصبح ثم يصفّ قدميه حتى تطلع الشمس، ولا يصلي الناس الجمعة حتى يختم القرآن ثم ينصرف إلى منزله.
  وقف معه أبو يوسف القاضي بباب الرشيد ولم يعرفه:
  قال هارون وحدّثني عليّ بن محمد النّوفليّ قال حدّثني صالح بن عليّ بن عطيّة وغيره من رجال أهل العسكر قالوا:
(١) كذا في أكثر الأصول. وفي ب، س: «صاحب».
(٢) عصلاء: معوجة.
(٣) في تجريد الأغاني: «تسومها».
(٤) ما ظظت فلانا: شاورته ونازعته.
(٥) في أ، ء، م: «أبو هاشم محمد بن عبد اللَّه المخزومي».