كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ترجمة أبي الفرج الأصفهاني مؤلف كتاب الأغاني

صفحة 16 - الجزء 1

  قطَّ من يحفظ مثله، ويحفظ دون ذلك من علوم أخر: منها اللغة والنحو والخرافات والمغازي والسير، ومن آلة المنادمة شيئا كثيرا مثل علم الجوارح والبيطرة ونتف من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك، وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان ظرفاء الشعراء.

  وذكره أبو منصور الثعالبي في «يتيمة الدهر» فقال:

  «وكان من أعيان أدبائها (بغداد) وأفراد مصنفيها. وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان ظرفاء الشعراء».

  وذكره ابن النديم في «الفهرست» فقال:

  «كان شاعرا مصنفا أديبا، وله رواية يسيرة، وأكثر تعويله كان في تصنيفه على الكتب المنسوبة الخطوط أو غيرها من الأصول الجياد». ويؤيد هذا أنه في كتابه «الأغاني» يروي كثيرا من الأخبار بقوله: «نسخت من كتاب فلان».

  قدح بعض العلماء في صحة روايته

  ذكره ابن الجوزي في كتابه «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» فقال:

  «إنه كان متشيعا ومثله لا يوثق بروايته فإنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهوى شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب» الأغاني «رأى كل قبيح ومنكر».

  ونقل ابن شاكر في كتابه «عيون التواريخ» أن الشيخ شمس الدين الذهبيّ قال:

  «رأيت شيخنا تقيّ الدين بن تيمية يضعفه ويتهمه في نقله ويستهول ما يأتي به، وما علمت فيه جرحا إلا قول ابن أبي الفوارس: خلط قبل ما يموت».

  شيء من أوصافه

  لم يكن لأبي الفرج الأصفهاني عناية بنظافة جسمه وثيابه؛ فقد حدّث الرئيس أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابئ في الكتاب الذي ألفه في أخبار الوزير المهلبيّ قال: كان أبو الفرج الأصفهاني وسخا قذرا لم يغسل له ثوبا منذ فصّله إلى أن قطعه، وكان الناس على ذلك يحذرون لسانه ويتقون هجاءه ويصبرون في مجالسته ومعاشرته ومؤاكلته ومشاربته على كل صعب من أمره؛ لأنه كان وسخا في نفسه ثم في ثوبه وفعله، حتى إنه لم يكن ينزع درّاعة يقطعها إلا بعد إبلائها وتقطيعها، ولا يعرف لشيء من ثيابه غسلا ولا يطلب منه في مدّة بقائه عوضا.

  وحكى القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي في كتاب «نشوار»⁣(⁣١) المحاضرة «أن أبا الفرج كان أكولا نهما، وكان إذا ثقل الطعام في معدته تناول خمسة دراهم فلفلا مدقوقا ولا يؤذيه ولا تدمع منه عيناه، وهو مع ذلك لا يستطيع أن يأكل حمصة واحدة أو يصطبغ⁣(⁣٢) بمرقة قدر فيها حمص، وإذا أكل شيئا يسيرا من ذلك شري⁣(⁣٣) بدنه كله من ذلك، وبعد ساعة أو ساعتين يفصد وربما فصد لذلك دفعتين». قال: وأسأله عن سببه فلا يكون عنده علم منه.


(١) النشوار في الأصل بكسر النون: ما تبقيه الدابة من علفها فارسي معرّب. وهذا الكتاب قد طبع بالقاهرة سنة ١٩٢١ م وقام بتصحيحه المستشرق الانكليزي المعروف د. س مرجليوث.

(٢) يصطبغ: يأتدم.

(٣) الشرى: شيء يخرج على الجسد أحمر كهيئة الدراهم، وقيل: هو شبه البثر يخرج في الجسد أو هو خراج صغار لها لذع شديد، يقال: شرى جلده شرى فهو شر.