كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

3 - ذكر خبر عمر بن أبي ربيعة ونسبه

صفحة 184 - الجزء 1

  فقالت: إنه لسأَّل ملحّ⁣(⁣١)، [قبحا⁣(⁣٢) له!] ولقد أجابته إن وفت. فلمّا بلغت إلى قوله:

  نحن من ساكني العراق وكنّا ... قبله قاطنين مكة حينا

  قالت: غمزته⁣(⁣٣) الجهمة⁣(⁣٤). فلمّا بلغت إلى قوله:

  قد صدقناك إذ سألت فمن أن ... ت عسى أن يجرّ شأن شؤونا

  قالت: رمته الورهاء⁣(⁣٥) بآخر ما عندها في مقام واحد. وهجرت عمر.

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي مصعب: أنّ رملة بنت عبد اللَّه بن خلف حجّت، فتعرض لها عمر بن أبي ربيعة فقال فيها:

  أصبح القلب في الحبال رهينا ... مقصدا يوم فارق الظاعنينا

  / وقال في هذه القصيدة:

  /

  فرأت حرصي الفتاة فقالت ... خبّريه، من أجل من تكتمينا⁣(⁣٦)؟

  نحن من ساكني العراق وكنّا ... قبله قاطنين مكة حينا

  قد صدقناك إذ سألت فمن أن ... ت عسى أن يجرّ شأن شؤونا

  قال الزّبير: ورملة هذه أمّ طلحة بن عمر بن عبيد اللَّه بن معمر التّيميّ، وهي أخت طلحة الطَّلحات بن عبد اللَّه بن خلف الخزاعيّ.

  قصيدة كثير عزة التي أوّلها: ما عناك الغداة من أطلال

  قال: فبلغت هذه الأبيات كثيّرا، فغضب لذلك وقال: وأنا واللَّه لا أتمارى أن سيجرّ شأن شؤونا⁣(⁣٧). ثم ذكر نسوة من قريش فساقهنّ في شعره من الحج حتى بلغ بهنّ إلى ملل⁣(⁣٨)، ثم أشفق فجاز⁣(⁣٩)، ولم يزد على ذلك، وهو قوله في قصيدته التي أوّلها:

  ما عناك الغداة من أطلال ... دارسات المقام مذ أحوال⁣(⁣١٠)


(١) في ت، أ، م، ء: «متيح» والمتيح: من يعرض في كل شيء ويدخل فيما لا يعنيه، والأنثى بالهاء.

(٢) زيادة في ح، ر.

(٣) في أ، ء، ب: «غمرته». وفي ح، ر هكذا: «عمرت به الجهتان» وهو تحريف.

وأصل معنى الغمز الإشارة بالعين والحاجب والجفن.

(٤) الجهمة: الضعيفة العاجزة. تريد أنها لضعفها لانت له بعد استعصائها.

(٥) الورهاء: الحمقاء. تريد أنها رمت بنفسها بين يديه وأسلمت نفسها له.

(٦) لم يوجد هذا البيت بتلك القصيدة في «ديوانه».

(٧) في ت، ح، ر: «أنا واللَّه أرى أيضا أن سيجرّ شأن شؤونا».

(٨) ملل - ويقال له أملال -: موضع على طريق المدينة إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة. قال كثير:

سقيا لعزة خلة سقيالها ... إذ نحن بالهضبات من أملال

وسيأتي «أملال» في هذه القصيدة أيضا.

(٩) أي مرّ تاركا التعرّض لهنّ.

(١٠) كذا في ت. وفي سائر النسخ بعد هذا البيت قوله: «وقال فيها الخ». والسياق يأباه.