كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار حسين بن الضحاك ونسبه

صفحة 155 - الجزء 7

  ليتك إذ لم تكن بقيت لنا ... لم تبق روح يحوطها بدن

  هجا جراحا مخنثا اسمه نصير

  : / أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني أبي قال:

  كان في جوار الحسين بن الضحّاك طبيب يداوي الجراحات يقال له نصير، وكان مخنّثا؛ فإذا كانت وليمة دخل مع المخنّثين، وإذا لم تكن عالج الجراحات. فقال فيه الحسين بن الضحّاك:

  نصير ليس لمرد من شأنه ... نصير طبّ بالنّكاريش⁣(⁣١)

  يقول للنّكريش في خلوة ... مقال ذي لطف وتجميش⁣(⁣٢)

  هل لك أن نلعب في فرشنا ... تقلَّب الطير المراعيش⁣(⁣٣)

  يعني المبادلة. فكان نصير بعد ذلك يصيح به الصبيان: «يا نصير نلعب تقلَّب الطير المراعيش» فيشتمهم ويرميهم بالحجارة.

  عبث ابن مناذر بشعر له فشتمه

  : حدّثني جعفر قال حدّثني عليّ بن يحيى عن حسين بن الضحّاك قال:

  أنشدت ابن مناذر قصيدتي التي أقول فيها:

  لفقدك ريحانة العسكر

  وكانت من أوّل ما قلته من الشعر؛ فأخذ رداءه ورمى به إلى السقف وتلقاه برجله وجعل يردّد هذا البيت.

  فقلنا لحسين: أتراه فعل ذلك استحسانا لما قلت؟ فقال لا؛ فقلنا: فإنما فعله طنزا⁣(⁣٤) بك؛ فشتمه وشتمنا. وكنّا بعد ذلك نسأله إعادة هذا البيت فيرمي بالحجارة ويجدّد شتم ابن مناذر بأقبح ما يقدر عليه.

  وقف ببابه سلولي وغنويّ ينتظران محاربيا فقيل اجتمع اللؤم

  : أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني أحمد بن أبي كامل قال:

  مررت بباب حسين بن الضحّاك، وإذا أبو يزيد السّلوليّ وأبو حزرة الغنويّ وهما ينتظران المحاربيّ وقد استؤذن لهم على ابن الضحّاك؛ فقلت لهما: لم لا تدخلان؟ فقال أبو يزيد: ننتظر اللؤم أن يجتمع، فليس في الدنيا أعجب مما اجتمع منا، الغنويّ والسّلوليّ ينتظران المحاربيّ ليدخلوا على باهليّ.


(١) الطب: العالم بالشيء. والنكريش: الملتحي، قال البديع:

قال قوم عشقته أمرد ... الخدّ وقد قيل إنه نكريش

قلت فرخ الطاوس أحسن ما كان ... إذا ما علا عليه الريش

(انظر «شفاء الغليل» ص ٢٢٤).

(٢) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «وتجهيش». بالهاء.

(٣) المراعيش: نوع من الحمام وهي تطير مرتفعة حتى تغيب عن النظر فترى في الجو كالنجم.

(٤) الظنز: السخرية.