كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار حسين بن الضحاك ونسبه

صفحة 156 - الجزء 7

  كتب أبياتا عن الواثق يدعو الفتح بن خاقان للصبوح

  : أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر البوشنجيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني حسين بن الضحّاك قال:

  كان الواثق يميل إلى الفتح بن خاقان⁣(⁣١) ويأنس به وهو يومئذ غلام، وكان الفتح ذكيّا جيّد الطبع والفطنة. فقال له المعتصم يوما وقد دخل على أبيه خاقان عرطوج: يا فتح أيّما أحسن: داري أو دار أبيك؟ فقال له وهو غير متوقّف وهو صبيّ له سبع سنين أو نحوها: دار أبي إذا كنت فيها؛ فعجب منه وتبنّاه. وكان الواثق له بهذه المنزلة، وزاد المتوكل عليهما. فاعتلّ الفتح في أيام الواثق علَّة صعبة ثم أفاق وعوفي، فعزم الواثق على الصّبوح، فقال لي:

  يا حسين، اكتب بأبيات عنّي إلى الفتح تدعوه إلى الصّبوح؛ فكتبت إليه:

  /

  لمّا اصطبحت وعين اللهو ترمقني ... قد لاح لي باكرا في ثوب بذلته

  ناديت فتحا وبشّرت المدام به ... لمّا تخلَّص من مكروه علَّته

  ذبّ الفتى عن حريم الراح مكرمة ... إذا رآه امرؤ ضدّا لنحلته

  فاعجل إلينا وعجّل بالسرور لنا ... وخالس الدهر في أوقات غفلته

  فلما قرأها الفتح صار إليه فاصطبح معه.

  شعره في غلام عبد اللَّه بن العباس بن الفضل بن الربيع

  : أخبرني عمّي⁣(⁣٢) قال حدّثني يعقوب بن نعيم وعبد اللَّه بن أبي سعد قالا حدّثنا محمد بن محمد الأنباريّ قال حدّثني حسين بن الضحّاك قال:

  / كنت عند عبد اللَّه بن العباس بن الفضل بن الربيع وهو مصطبح وخادم له يسقيه؛ فقال لي: يا أبا عليّ، قد استحسنت سقي هذا الخادم؛ فإن حضرك شيء في قصّتنا هذه فقل؛ فقلت:

  أحيت صبوحي فكاهة اللاهي ... وطاب يومي بقرب أشباهي

  فاستثر اللهو من مكامنه ... من قبل يوم منغّص ناهي

  بابنة كرم من كفّ منتطق ... مؤتزر بالمجون تيّاه

  يسقيك من طرفه ومن يده ... سقي لطيف مجرّب داهي

  كأسا فكأسا كأن شاربها ... حيران بين الذّكور والساهي


(١) هو الفتح بن خاقان بن أحمد، كان في نهاية الذكاء والفطنة وحسن الأدب من أولاد الملوك، اتخذه المتوكل أخا ووزيرا له، وكان يقدّمه على سائر ولده وأهله. وكان له خزانة جمعها علي بن يحيى المنجم له لم ير أعظم منها كثرة وحسنا. وكان يحضر داره فصحاء الأعراب وعلماء الكوفيين والبصريين. ومن شغفه بالكتب أنه كان يحضر لمجالسة المتوكل، فإذا أراد القيام لحاجة أخرج كتابا من كمه أو خفه وقرأه في مجلس المتوكل إلى عوده إليه، حتى في الخلاء. وتوفي الفتح في الليلة التي قتل فيها المتوكل قتلا معه بالسيف سنة ٢٧٤ هقتله الأتراك لما فرغوا من قتل المتوكل بأمر ابنه المنتصر، وكان طلب منهم ذلك فجيعة على سيده. (عن «فهرست ابن النديم» و «تاريخ الطبري» ص ١٤٥ - ١٤٦ من القسم الثالث).

(٢) تقدّم هذا الخبر بنصه في هذه الترجمة ص ١٩٠.