كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

9 - أخبار السيد الحميري

صفحة 180 - الجزء 7

  ريّا رداح⁣(⁣١) النوم خمصانة ... كأنها أدماء عطبول⁣(⁣٢)

  يشفيك منها حين تخلو بها ... ضمّ إلى النحر وتقبيل

  وذوق ريق طيّب طعمه ... كأنه بالمسك معلول

  في نسوة مثل المها خرّد ... تضيق عنهنّ الخلاخيل

  يقول فيها:

  أقسم باللَّه وآلائه ... والمرء عمّا قال مسؤول

  إنّ عليّ بن أبي طالب ... على التّقى والبرّ مجبول

  / فقال العتبيّ: أحسن واللَّه ما شاء، هذا واللَّه الشعر الذي يهجم على القلب بلا حجاب.

  في البيتين الأوّلين من هذه القصيدة لمخارق رمل بالبنصر عن الهشاميّ، وذكر حبش أنه للغريض. وفيه لحن لسليمان من كتب بذل غير مجنّس.

  كان لا يأتي في شعره بالغريب

  : أخبرني عمّي قال حدّثني محمد بن داود بن الجرّاح قال حدّثني إسحاق بن محمد النّخعيّ عن عبد الحميد بن عقبة عن إسحاق بن ثابت العطَّار قال:

  / كنّا كثيرا ما نقول للسيّد: مالك لا تستعمل في شعرك من الغريب ما تسأل عنه كما يفعل الشعراء؟ قال: لأن أقول شعرا قريبا من القلوب يلذّه من سمعه خير من أن أقول شيئا متعقّدا تضلّ فيه الأوهام.

  سب محارب بن دثار وترحم على أبي الأسود

  : أخبرني أحمد بن عمّار قال أخبرنا يعقوب بن نعيم قال حدّثني إبراهيم بن عبد اللَّه الطَّلحيّ راوية الشعراء بالكوفة قال حدّثنا أبو مسعود عمرو بن عيسى الرّباح ومحمد بن سلمة، يزيد بعضهم على بعض:

  أن السيّد لمّا قدم الكوفة أتاه محمد بن سهل راوية الكميت؛ فأقبل عليه السيّد فقال: من الذي يقول:

  يعيب عليّ أقوام سفاها ... بأن أرجي⁣(⁣٣) أبا حسن عليّا


(١) الرداح: الثقيلة العجيزة. والرداح: الجمل المثقل حملا الذي لا انبعاث له. ولعل المعنى الأخير هو الأنسب وقد استعاره هنا للنوم، أي أنها نؤوم قليلة الانبعاث من النوم. وكان هذا مستحسنا عند العرب، يقال: هي نؤوم الضحى.

(٢) الأدماء: الظبية. والعطبول: الطويلة العنق.

(٣) في ب، س: «أرجو» وهو تحريف. والإرجاء (وعدم الهمز في الفعل لغة): التأخير. وقد تكرر هذا اللفظ في ترجمة السيد الحميري وله معان: منها الإرجاء بمعنى تأخير الإمام علي (¥) إلى الدرجة الرابعة. والمرجئة بهذا المعنى يقابلون الشيعة وعلى هذا المعنى جاء شعر محارب بن دثار هذا. ومن معاني الإرجاء أيضا إرجاء أمر من دخلوا الفتنة بين علي ومعاوية وتفويض أمرهم إلى اللَّه تعالى. وعلى هذا المعنى يحمل قول السيد الآتي:

أيرجى علي إمام الهدى ... وعثمان ما أعند المرجيان.

أما المرجئة التي تقول: إنه لا يضر مع الإيمان معصية، ولا ينفع مع الكفر طاعة فجماعات أخر جاءت بعد ذلك. وهم أصناف أربعة: مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية ومرجئة الجبرية والمرجئة الخالصة.